كاتب سعودي
يستطيع أي شخص متشائم ومتذمر ومأزوم من الحياة بكل ما فيها، أو لديه معايير متطرفة في مثاليتها يصعب تحقيقها في أفضل الظروف التي يمكن أن يعيشها أي مجتمع بشري، يمكن لشخص كهذا أن يعترض على الخبر الذي نشرته وسائل الإعلام يوم أمس بأن المملكة تصدرت مؤشر السعادة العام لسنة 2021 كأسعد الدول العربية، وحققت المركز 21 عالمياً في مؤشر تقرير السعادة العالمي بحسب تقرير صدر برعاية الأمم المتحدة.
وفي المقابل يمكن لأي شخص طبيعي وموضوعي وواقعي، يحتكم إلى معايير منطقية أن يميل إلى صحة هذا التقرير ومعلوماته عندما ينظر إلى واقعه ويقارنه بغيره، في ظل التحديات والمصاعب والأهوال التي يمر بها العالم خلال هذه المرحلة التي تم فيها إعداد التقرير، بمعنى أن المسألة نسبية تحتكم إلى المقارنات ومفهوم السعادة ومعناها بحسب الظروف التي تكتنف أي مرحلة.
عندما تعيش في وطن آمن مطمئن مصانة فيه كرامتك وعرضك ومالك وحقوقك وعملك رغم كل ما يمر به العالم فأنت بلا شك شخص سعيد، وعندما يحقق وطنك أفضل أداء في مواجهة جائحة صحية كونية فتاكة، ويقدم لك أرقى أنواع الرعاية الصحية مجاناً ومن أقرب مرفق إلى منزلك فأنت شخص سعيد. وعندما يخوض وطنك حرباً مكلفة لحماية حدوده وأمنه، ويخوض أيضاً معركة بناء وتشييد المستقبل من خلال مشاريع جبارة، دون أن تشعر بخلل في الموازين أو ارتباك في الأداء أو تنعكس كلفة هذه المعادلة الحساسة سلباً على نمط حياتك فأنت مواطن سعيد في وطنه. وعندما ترى الأمل يشع في نفوس الصغار والكبار، والثقة بمسار الوطن الآمن نحو مستقبل أفضل تنبعث منها، فإن ذلك من أهم أسباب الشعور بالسعادة.
كثيرة هي الإيجابيات التي يمكن للإنسان حصرها كأسباب للشعور بالسعادة، ولكن الشخص الذي لا يعجبه العجب لن يكون راضياً عن شيء أو مقتنعاً بشيء، وهذا ينطبق عليه المقصود ببيت الشعر:
ومن يك ذا فم مر مريض يجد مراً به الماء الزلالا.
المصدر: عكاظ