كاتب و ناشر من دولة الإمارات
لماذا نحاول هذا السفر؟
وكل البلاد مرايا..و كل المرايا حجر!
محمود درويش
هناك عوالم شاسعة تحيط بنا وفي داخلك يوجد عالم شاسع آخر!
السؤال: هل حاولت استكشافه؟ و شد الرحال إليه؟
أن تتعمق فيك وفيما تريد أكثر وأن تفهم نفسك أكثر، أن تضيع في اتجاهاتك لتعرف اتجاهك وتتأكد من صحة طريقك.
في أعماقنا شخصياتنا المخفية والمنسية أيضاً، نحمل الكثير ونخفي الكثير وفي زحمة الوقت، نضيع خلف الأقنعة وتضيع خلفها أجزاء منا، تركناها في غرفنا الداخلية، غرفنا المهملة، من يرتبها غيرنا.
نحتاج أن نسافر سريعاً في رحلة مختلفة، نغترب فينا، غربة اختيارية نتدارك أنفسنا وخلوة حقيقية لنعرف ماذا نريد؟ ولماذا نريد؟
ما يحيط بنا أحياناً يشتتنا ويضطرب معه تفكيرنا، وهذه هي الحياة مسافات نقطعها، وهي في الحقيقة تقطعنا! نبحث عن السلام في الاتجاهات، نسافر بعيداً، نبحث عنه وهو موجود في داخلنا.
في هذه الرحلة لا تحتاج الكثير، تذاكرك موجودة ومقعدك محجوز بضغطة زر من وقتك ينقلك تفكيرك إلى ما بينك وبين نفسك لا تحتاج حواسك! هي للعالم الخارجي، أما عالمك الداخلي فتقنياته مختلفة.
لا تحتاج الكثير لتعرف أن الحب والطاقة في داخلك موجودان والكثير من قدراتك المخبأة في نفسك تنتظرك.
تحتاج في هذه الرحلة إلى أن تجلس في مقاعد الصمت والهدوء وأن تكتشف عالمك بنفسك وتعيد ترتيب أولوياتك وما تريد وتنفض الغبار عما تركته خلفك، سيتسلل السلام سريعاً إليك ويصبح طريقك سالكاً.
أحياناً لا تحتاج أن تسافر بعيداً لتبحث عن أشياء تريدها، ستجدها في نفسك، تنتظر أن تنتشلها وتستخدمها بشكل صحيح.
هناك زمن قادم ينتظرك، يتطلب منك كل قوتك، قريباً ستنتهي رحلتك وستعود لعالمك الحقيقي، وكما في الواقع ستكون أكثر استعداداً وثقةً بقدراتك بعد هذه الإجازة السريعة مع نفسك.
ثري أنت بما تملك، غني بقدراتك، كنز بأحلامك، عندما تؤمن بنفسك يؤمن الآخرون بك، لا تنظر إلى ضفاف الآخرين، كل ما تريده موجود في ضفتك!
ستبدو لك الصورة أكثر وضوحاً إذا رأيتها من خلالك، لا تحكم على الأشياء من خلال أعين الآخرين، شاهد الفيلم كاملاً بنفسك، وقدم بعدها رأيك، ما يهم في النهاية هو رأيك في الأشياء، لا آراء الآخرين.
تقول الكاتبة التركية إليف شافاق في روايتها الأخيرة «قواعد العشق الأربعون»:
لا يوجد فرق كبير بين الشرق والغرب
والشمال والجنوب فمهما كانت وجهتك
يجب أن تجعل الرحلة التي تقوم بها رحلة
في داخلك فإذا سافرت في داخلك
فسيكون بوسعك اجتياز العالم الشاسع
وما وراءه.
المصدر: صحيفة الاتحاد