تحقيق: محسن البوشي
يتربع السكري على رأس تحديات الجهات الصحية في الدولة، وسط تضافر كل الجهود للحد من مضاعفاته التي تؤثر على الشبكية، والكلى، والأوعية الدموية والأعصاب.
ويتضاعف حجم القلق، بحسب متخصصين، مع تزايد أعداد المرضى، بمن في ذلك الأطفال الذين انخفض سن الإصابة لديهم بصورة باتت مؤرقة.
ولفت الدكتور محمد علي حوري استشاري ورئيس قسم السكري والغدد الصماء بمستشفى العين إلى أن مضاعفات السكري التقليدية المعروفة تؤدي بدورها إلى ضيق الشرايين ونقص «تروية الأطراف»، ما يجعل مرضى السكري، خصوصاً المصابين باعتلال الأعصاب والأوعية أكثر عرضة للإصابة بتقرحات الأقدام.
وتعد الإصابة بضيق الشرايين التي تؤدي إلى نوبات قلبية أو احتشاء عضلة القلب، بخاصة لدى المرضى الذين لديهم عوامل خطورة أخرى مثل التدخين، ارتفاع الضغط وزيادة نسبة الدهون في الدم من العوامل التي تزيد من فرص تعرض مريض السكري للجلطات الدماغية.
وبحسب حوري، تتوزع مضاعفات السكري بين حادة ومزمنة تتجسد الأولى من خلال حدوث هبوط نسبة السكر أو ارتفاعها في الدم، إضافة إلى حدوث الحماض الحلوني الذي ينجم عن ارتفاع نسبة الحموضة في الدم بسبب عدم تناول مريض السكري جرعة الأنسولين في الوقت المحدد لسبب مرضي أو لآخر عارض.
التدخين والدهون وضغط الدم
أكد حوري ضرورة أن يلتزم مرضى السكري بالإقلاع عن التدخين وبالسيطرة على معدلات السكر والدهون وضغط الدم لديهم، مشدداً كذلك على ضرورة الالتزام بكل سبل الوقاية اللازمة من الإصابة بالمرض للحؤول دون حدوثه، خصوصاً لدى الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للمرض والذين يستوجب عليهم إنقاص أوزانهم واتباع عادات غذائية صحية والإقلاع عن التدخين.
ونصح رئيس قسم السكري والغدد الصماء بمستشفى العين الأشخاص المهددين بالإصابة بالسكري بالمبادرة للحصول على الاستشارات الصحية اللازمة في الوقت المناسب وقبل فوات الأوان قبل ظهور أي أعراض للمرض عليهم.
ولفت الدكتور بشار عمر الأفندي استشاري ورئيس قسم الغدد والسكري بمستشفى توام إلى أن المضاعفات التي تصيب الأوعية الدموية بنوعيها (الأوعية الصغيرة والكبيرة) تكثر لدى مرضى السكري في الدولة ويمكن تشخيصها بكثرة أيضاً عند المرضى الذين لم يدركوا بعد أنهم مصابون بالمرض ما يعني أن المضاعفات الوعائية تحدث في وقت مبكر.
وأضاف الأفندي أن هذه المضاعفات الخطيرة يمكن اكتشافها عند تشخيص المرض وهي لا تقتصر على المصابين بمرض السكري بل قد تحدث عند الأشخاص الذين يعانون من بداية اضطراب استقلاب السكر أو ما يسمى «ما قبل مرض السكري» أو «عدم تحمل السكر».
وأشار استشاري السكري والغدد الصماء إلى أنه وبالرغم أن معدل حدوث إصابة الشرايين المحيطية وكذلك اعتلالات القلب الاحتقانية كانت أقل نسبياً في المرضى المراجعين، إلا أن ذلك لا يقلل من عوامل الخطورة الأخرى التي تؤدي لحدوث أمراض القلب مثل ارتفاع الضغط الشرياني، اضطرابات الدهون، السمنة والخمول البدني، وهذه العوامل تكثر حتى عند الأشخاص غير المصابين بمرض السكري ما يستوجب اهتماما خاصاً لمحاولة الحد من حدوث أمراض شرايين القلب.
التشخيص المبكر يمنع المضاعفات
وأوضح الأفندي أن السيطرة على السكري والالتزام بالأهداف والتعليمات المتفق عليها عالمياً للعناية بمرض السكري والحد من مضاعفاته، تعد من الأمور التي يصعب تحقيقها حتى في المراكز العلاجية العالمية المتخصصة.
وتطرق الأفندي إلى بعض الأبحاث والدراسات المسحية التي أجريت مؤخراً والتي أظهرت أن السكري ينتشر على نطاق واسع في مدينة العين، حيث أشارت نتائج هذه الدراسات إلى شيوع حدوث المضاعفات التي تؤثر على الأوعية الدموية عند مرضى السكري كذلك حدوث بعض المضاعفات الأخرى المبكرة والتي قد تتزامن مع تشخيص المرض.
وأكد استشاري السكري والغدد الصماء بمستشفى توام أهمية تشخيص المرض مبكراً لمنع وتأخير المضاعفات وبالتالي تقليص الكلفة العامة للعناية بمرضى السكري وهو ما يستوجب بدوره تطوير مراكز الرعاية الأولية وتزويدها بالمستلزمات والاحتياجات الأساسيات، بما في ذلك الطواقم الطبية ذات الخبرة مع وضع وتنفيذ البرامج الوطنية الشاملة بهدف إحداث التغييرات الأساسية في نمط الحياة والعادات الغذائية السائدة وكذلك زيادة الوعي الصحي لدى المرضى ولدى الجمهور بشكل عام.
ظاهرة مؤرقة
أكد الدكتور أسامة محمد عبدالله أخصائي طب الأطفال بمستشفى العين، أن هناك تطوراً ملحوظاً في مستوى الفحوصات والمتابعة بعيادة الأطفال مرضى السكري بالمستشفى، حيث تتوافر الآن أجهزة حديثة تساعد على الفحص الدوري الدقيق لنسبة السكر في الدم لدى الأطفال وأجهزة تساعد على تنظيم جرعات الأنسولين بطريقة تقلل من آلام الحقن.
وأشارت الدكتورة فارشا مالباني أخصائية طب الأطفال بمستشفى العين إلى أن هناك زيادة ملفتة في أعداد المصابين بالسكري بوجه عام ولدى الأطفال على وجه الخصوص حيث لوحظ في الآونة الأخيرة انخفاض سن الأطفال المصابين لتصل إلى دون الثلاث سنوات، فيما تتركز الإصابة في العادة بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 7 سنوات.
وعزت مالباني إصابة الأطفال بالسكري إلى أسباب وراثية بالأساس، إضافة إلى عامل السمنة. وأكدت أن هناك حاجة ماسة وملحة لمزيد من الأبحاث والدراسات وصولاً للحقائق العلمية التي قد تفيد كثيراً في رصد أبعاد الظاهرة خاصة بعد انخفاض سن الإصابة لديهم.
وأكدت أخصائية طب الأطفال أهمية الرضاعة الطبيعية خلال شهوره الستة الأولى في إكساب الطفل المناعة والوقاية اللازمة ضد المرض خاصة في العامين الأوليين. ولفتت إلى أن هناك فرصة كبيرة للسيطرة على النوع الأول من المرض والذي يصيب الأطفال من خلال التحكم في جرعات الأنسولين بوساطة الحقن أو بالمضخة ما يمكن الأطفال من ممارسة حياتهم بصورة طبيعية تماماً دون منغصات.
المصدر: الاتحاد