في كل مجتمع هناك المقبول والمرفوض، وهناك ما يجوز وما لا يجوز، وهناك العيب، وهناك الحلال والحرام.
أغلب هذه الأشياء كانت موجودة في أنظمة وقوانين دول الغرب، وبعضها ما زال سارياً، سواء كان مكتوباً أو كان عرفاً بين الناس، وما شطب عندهم فرضته قناعاتهم، وفي المقابل ما لا يزال مطبقاً حافظوا عليه نتيجة قناعاتهم أيضاً، وهم أحرار في اتباع ما يرونه لصالحهم.
وفي اختيار «اليافطة» التي يعلقونها لتبرير أفعالهم، ولن تعجزهم الاختيارات، فالعناوين كثيرة، تبدأ من الحرية الشخصية، وتمر على العلمانية والدولة اللادينية والفصل بين السلطات، وتنتهي عند المساواة وحق كل فئة في العيش دون مضايقات من المجتمع أو الأفراد، وقد تبنت الغالبية هناك الاندفاع نحو الإباحة، معتقدين بأن ذلك سينظف تاريخهم الأسود حتى زمن قريب، فهم المستعمرون، وهم سراق ثروات الدول الفقيرة، وهم أصحاب الفصل العنصري مع الشعوب التي استوطنوا أرضها، وهم من فصلوا ألوان الناس فميزوا بعضها وأهانوا البعض الآخر، وما زالت اللافتات العنصرية المعلقة على أبواب المحلات والمطاعم والبارات ودور السينما والملاعب والمدارس والجامعات مطبوعة في ذاكرة من عاشوا ستينيات القرن الماضي.
هم الذين وضعوا قواعد التمييز، وصاغوا القوانين العنصرية، وما زالوا يقتلون الملونين دون سبب في الشوارع العامة، وهم الذين تتبدل قناعاتهم بتبدل الحزب الذي يحكمهم، يبيحون حسب الأهواء، ويمنعون بناء على رغبات أصحاب المصالح.
وبعد كل ذلك يدعون غيرهم للسير خلفهم، منحوا أنفسهم حق إدارة العالم، ما يقبلونه يجب أن يقبله الكل، وما يجوز حسب قوانينهم يجب أن يكون جائزاً في قوانين غيرهم، وما قرروا أنه ليس عيباً على كل البشر أن يتقبلوه بصدر رحب، وحلالهم يجب أن يكون حلالاً، وحرامهم يجب أن يكون حراماً.
الأرض كانت ولا تزال مرتعاً لكل مساوئ البشر، قراها ومدنها ودولها تتشارك فيها بنسب متفاوتة، ولم تختف في يوم من الأيام، الحرامي موجود، وابن الحرام موجود، والكاذب موجود، وخائن الأمانة موجود، والمنحرف موجود، فهل تبيح البشرية هذه الأفعال؟!
ولنا عودة.
المصدر: البيان