مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

“السومريون” الذين يثيرون الجدل

آراء

في ثمانينات القرن العشرين أدهشني التشكيلي والمهندس المعماري ماهر حميد بدراساته عن العمارة المستقبلية في “ألف ليلة وليلة”.. وهذه الأيام أتابع تساؤلاته عن الحضارة السومرية وترجماته لبعض نصوصها، ساعيا إلى دعم الرأي الذي يقول إنها جزء من حضارات بلاد الرافدين وليست دخيلة عليها كما ترى دراسات تعتبر السومريين جماعة جاءت في الألف الرابع قبل الميلاد من مكان مجهول إلى المنطقة ثم أنشأت حضارة في المنطقة، وبعد مئات السنين هاجرت أو اختفت.. ثم قامت بعدها حضارات أخرى، وهذا ما يعمل “ماهر” على دحضه مؤكدا في حواراته مع أعضاء “مقهى الحنافل” على الفيس بوك، أن حضارة بهذا الرقيّ لا يمكن أن تنشأ من فراغ وينقرض أصحابها.

عند الكشف عن الحضارة العراقية في القرن التاسع عشر أثيرت التساؤلات حول السومريين كشعب، وهناك من اقتنع بوجودهم مستدلا بلغتهم. أما من رأوا أنه ليس لهم وجود حقيقي تاريخيا وأنهم ليسوا إلا الأكاديين والبابليين والآشوريين، فقد ارتكزت نظريتهم على أن “السومرية” ليست إلا لغة سرية ابتكرها البابليون ليستخدموها بطقوسهم الدينية ومدارسهم التعليمية. وهذه الفكرة بالذات سعى الباحث والمؤرخ العراقي نائل حنون لإثباتها عبر خمس سنوات درس خلالها آلاف المفردات السومرية والأكادية.. وتوصل إلى أن “السومرية” ظاهرة كتابية وبالتالي فـ”السومريون” هم أسلاف الأكاديين الذين اخترعوا هذه اللغة المدوَّنة.

وفي نظرية الباحث حنون أن العقيدة الدينية لسكان بلاد الرافدين تشير إلى وجود شعب واحد بعقيدة دينية واحدة. وإلى ذلك فقد تطابقت مجالات الأدب باللغتين، وكثيرا ما جاء النص نفسه مكتوبا بكل منهما. وفي قراءته لأسماء المعابد يؤكد حنون في كتابه (حقيقة السومريين، ودراسات أخرى في علم الآثار والنصوص المسمارية) الصادر عن دار الزمان، دمشق 2007 أنه “لما لأبنية المعابد من أهمية وقدسية فلم يكن ممكنا أن يستمر الأكاديون في تسمية معابدهم بأسماء سومرية إذا كانت هذه لغة شعب آخر”.

وفي التسميات، الأرجح أن “العراق” مشتق من مدينة “أوروك” السومرية، وشومر (سومر) هي تسمية أكادية لجنوب العراق وسكانه، والعلاقة بينها وبين الاسم العربي “شمّر” يعمل المهندس ماهر على اكتشافها، كما يعمل على تأكيد أن “الحاكم السومري كوديا (2146 – 2122 ق.م) هو أول من ارتدى الشماغ.. الاسم السومري له (اش ماغ) و(اش ساغ)..” أخيرا، لأنها حضارة تركت لنا كمّا معرفيا وإبداعيا هائلا، أجدني في صف مع من يرون أن السومريين جزء من المنطقة.. وأنتظر بقية اكتشافاته، لعلّ “ماهر” يمنحنا نظرية جديدة في هذا المجال.

الوطن أون لاين (2012-04-19)