كاتب وناشط حقوقي، راعي منتدى الثلاثاء الثقافي، وعضو المجلس البلدي بمحافظة القطيف
بدا لي أن مجلس الشورى لم يحرك ساكنا تجاه مطالبات بعض أعضائه طوال السنوات الماضية، بسن قانون يعزز الوحدة الوطنية ويجرم الأفعال التي تهددها وتضعفها، كالعنصرية بمختلف أشكالها. وهو أمر دعا إليه أيضا عديد من المثقفين الغيورين على وحدة الوطن وأبنائه، خاصة بعد تفاقم حالة العنصرية في أوساط اجتماعية متعددة وبصور مختلفة.
وحسب متابعتي، فقد طالب عضو المجلس الدكتور زهير الحارثي منذ عام 2010م الجهات المختصة كمجلس الشورى وهيئة حقوق الإنسان، بوضع تصور لمشروع يحافظ على الوحدة الوطنية، ويجرم الأفعال التي تمس الوحدة الوطنية. كما دعاها إلى المبادرة لسن تشريعات وأنظمة وقوانين تجرم العنصرية، بحيث يستطيع المتضرر رفع دعوى قضائية ضد من تسبب في إيذائهم معنويا، معتبرا المساس بالوحدة الوطنية خطا أحمر.
كما طالب أيضا «بتفعيل دور المؤسسات الثقافية والتعليمية والإعلامية، التي لها الدور الأكبر في التوعية والتثقيف، وإشاعة مفهوم الوطنية حيث المساواة فالوطن للجميع، والقيادة طالما استهجنت مصطلحات التصنيفات والتقسيمات والتمييز والتهميش».
وتوقعنا في ذلك الوقت -أي قبل 4 سنوات- أن يتخذ مجلس الشورى وهو المعني بتشريع الأنظمة وسن القوانين، خطوات عاجلة تهدف إلى حماية الوطن من نمو حالات العنصرية والتطرف والتشدد.
بعد هذه السنوات الأربع تبين أن الوضع ازداد سوءا وخطورة، وأصبحت لغة التحريض والعنصرية بارزة في مختلف وسائل الإعلام، خاصة وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبح لجمها والحد منها يتطلب جهدا أكبر وإجراءات أشمل.
عرفت أيضا أن عضو المجلس الدكتور عبدالعزيز العطيشان أعرب في أحد لقاءاته، أنه قدم مشروعا شبيها منذ فترة ليست بالقصيرة للمجلس، لإصدار نظام الوحدة الوطنية يهدف إلى تجريم كل ما يمس الوحدة الوطنية، كإثارة الفتن الطائفية أو التعدي على عقائد الآخرين، أو التجاوز اللفظي أو السلوكي على أي مواطن بسبب انتمائه العرقي أو المناطقي أو المذهبي.
ويبدو أنه لحد الآن لم يتم عرض مشروع النظام على المجلس للتصويت عليه على الرغم من مضي فترة طويلة منذ تقديمه، مع أهميته البالغة على صعيد الوطن.
لا شك أن دور مجلس الشورى يعتبر محوريا في دراسة ومناقشة وإقرار مثل هذا النظام البالغ الأهمية، في ظل ظروف بالغة التعقيد وتحولات متسارعة يمر بها المجتمع. ولا ينبغي الوقوف متفرجين على ما يجري دون صياغة أساس قانوني ينظم العلاقة بين الجميع، ويضبط التجاوزات، ويؤسس لاحترام متبادل، ووحدة متماسكة.
ولعل هناك أعضاء آخرين أيضا قدموا مشاريع وتوصيات تهدف إلى نفس الغرض، ولكن الخوف من أنها أيضا ضاعت في دواليب النسيان، ولم تعط الاهتمام الكافي.
إن مجلس الشورى هو البوابة التي من خلالها تمر التشريعات اللازمة، وهذا الموضوع هو من أولويات هذه المرحلة، التي ينبغي علينا فيها الوقوف جميعا لتعزيز الوحدة الوطنية، ومواجهة أي تهديد أمامها وبأي صورة كانت.
المصدر: الشرق