«الصدمة»..برنامج تليفزيوني خليجي استثنائي غير عادي، فيه إبداع وفيه فكرة وفيه جهد يجعلك في حالة انبهار ولا يستطيع أن تتحول عن الشاشة ولا تحولها عنك.
«الصدمة» برنامج يعالج قضية إنسانية جوهرية، حساسة، ذات قيمة وشيمة، هذه القضية أصبحت معتادة في مجتمعاتنا العربية، فالأبناء يقعون ويهجرون ويعاقبون الآباء وأحياناً يعذبونهم ويتعاملون معهم كصغار مشاكسين ومشاغبين.
في هذا البرنامج مشاهد ولقطات مؤثرة وأعتقد أن مثل هذه البرامج أصبح ملحاً وضرورياً، والحاجة ماسة إليها لأن العلاقات الإنسانية والاجتماعية شابها من اللغط والغلط والشطط ما يثير الدهشة، فأبناء شمروا عن سواعد الغلظة وأفسحوا عن أسنان التوحش واختلسوا من أفئدة الوحوش مشاعر ومن مخالبهم كواسر، لذلك، فقد جاء هذا البرنامج، برنامج الصدمة في الوقت المناسب والمكان المناسب والأوضاع الإنسانية، مطحونة بمشاعر جافة وضمائر ميتة..
وأنا أشاهد هذا البرنامج وأتابع نبسات ونبضات وحركات وخفقات الأشخاص الذين عاشوا الحدث التمثيلي، شعرت بمن يسكب ماء حاراً على وجهي وأحسست أن الجدران تتحرك وتقترب مني لتلتصق بي، ثم تقعدني ولا إرادياً طفرت دمعة من عيني، لأن الدور التمثيلي كان قوياً ومؤثراً والأشخاص الذين مثلوا الأدوار تقمصوا الشخصيتين بإتقان وحرفية ومهنية، فخرج الابن كما هو في الواقع، وكذلك الأب، الأمر الذي رسم صورة، صحيح أنها سوداوية تراجيدية، لكن هذا هو الواقع ولابد من إظهار الصورة كما هي من دون تدخل أو تخرج لأن هدف البرنامج هو تعليمي، تثقيفي، تنويري، ونحن بحاجة إلى مثل هذه البرامج والأنباء من أطفال وشباب، أصبح الكثير منهم عند حافة الحفر المخيفة، وعند حد السيف الحاد ولأن البرامج التي لا تسمن ولا تغني، أصبحت من غثاء السيل، لذلك نؤكد على أهمية «الصدمة» لأننا فعلاً بحاجة إلى صدمة، وإلى هزة كهربائية تعيد لنا التوازن وترتب أوراقنا المبعثرة وأشياءنا الصغيرة، الملوثة، نحن بحاجة إلى هذه اللطمة، لنستعيد وعينا، ونعيد بناء مشاعرنا من جديد، ونستدعي ما غاب من تاريخنا وعاداتنا وتقاليدنا، نحن بحاجة إلى استرجاع صورة الأب المقدر بين أبنائه، والابن الحليم الرحيم مع الأبوين وكبار السن بشكل عام، نحن بحاجة إلى برامج تغسل فساتين القيم الاجتماعية بمطهر الجدية والوعي والانتماء إلى الإنسان لا إلى أشياء أخرى.
المصدر: الإتحاد