يقول المثل المتداول إن في الصراحة راحة. درب نفسك أن تعبر صراحة عما يخالجك من قلق تجاه من تربطك به تجارة أو وظيفة. أحيانا نخلق التوتر لأنفسنا لأننا حولنا فكرة ما من وهم إلى حقيقة. نتوهم مشكلة ما فنتركها تنمو بداخلنا حتى تستحوذ تماماً علينا ثم تقودنا إلى مشكلات كبرى خلقها الوهم وكبت “الوسواس” داخلنا. عملت يوماً مع شاب أوروبي كان لا يكاد يمر أسبوع من دون أن يطلب “مكاشفة” معي كي يتأكد أنني وهو على نفس الصفحة في تفكيرنا وفهمنا وخططنا. وفي التجارة، تعلمت من المفاوضات مع الشركات الأجنبية أن أكون مباشراً وصريحاً في نقاشاتي وتوقعاتي وأمنياتي.
كن واضحاً، بل شديد الوضوح، في المسائل المالية تحديداً. أكثر ما يعكر صفو العلاقات الإنسانية الخلاف حول مسائل مالية. الفلوس -كما يقول المثل- كثيراً ما تخرب النفوس. لا تعتمد فقط على الثقة والوعود الشفوية. قد تكون النوايا طيبة في بداية العلاقة، لكنها ما تلبث أن تتحول إلى شكوك وظنون سيئة. لا تقل لي إن الدنيا لا تخلو من أصحاب الكلمة الصارمة التي هي أقوى من ألف اتفاقية موثقة من محكمة أو مكتب محاماة. فكم من أصدقاء تسببت الخلافات المالية في تدمير صداقتهم. بل كم من إخوة -من بطن واحدة- فرقت بينهم سوء الظنون في مسائل مادية. ولذلك تبقى الصراحة الموثقة كتابة في المعاملات المالية ضماناً للحقوق والعلاقات الطيبة بين الأصدقاء والإخوة والشركاء.
تعلم كيف تحرر نفسك من “سوء الظن” تجاه من حولك عبر الصراحة والجرأة في المواجهة. تلك مسألة ثقافية ليتنا نؤسس لها عبر مساجدنا ومدارسنا وبرامجنا الإعلامية. فكم من العلاقات الإنسانية المهمة كانت ستستمر لو التزمنا بالصراحة في كلامنا وتعاملنا مع من نحب ومع من حولنا.
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٨٠) صفحة (٣٦) بتاريخ (٢٢-٠٢-٢٠١٢)