كاتبة إماراتية
قبل الزواج كانت تعيش حياة ناعمة وهادئة وهي تحلم بفارس الأحلام الوسيم والطيب الذي ينعم بمثل مستواها الفكري والأخلاقي في تربية الأبناء وحب الحفاظ على صلة الرحم والأصدقاء، ولكن بعد الزواج تكتشف أن هذا الشخص يختلف تماماً عن الصورة الجميلة التي رسمتها في مخيلتها، فتتحطم أحلامها الوردية، وتبدأ تتلاشى شيئاً فشيئاً بالرغم من محاولاتها الكبيرة في الحفاظ على حب هذا الزوج والتغاضي عن معاملته السيئة لتعيش حياة طبيعية وتحافظ على كيان هذه الأسرة من الانهيار التام ولكن من دون جدوى فيقع الطلاق.
«ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك»
بعد سنوات طويلة من طلاقها تكتشف أن هذا الطليق مقدم على الزواج ولم تتألم البتة كونها لم تعد له أية مشاعر سوى أنه والد أطفالها ليس أكثر فهي منشغلة تماماً في ما هو أهم وهو تربية أطفالها، في يوم تفاجأت حين قامت إحداهن بالاتصال لتتأكد من أن هذا الطليق لا يعيبه شيء حتى لا تتدمر حياة زوجته المستقبلية فسألتها «هل كان يضربك كما سمعنا؟».
فقالت «لم يضربني قط، وربما لم يكن زوجاً صالحاً لي ولكنه قد يكون كذلك لغيري». العنف العاطفي له أثر كبير من الضرب الذي قد يصيب المرأة فيكون الانفصال الخطوة الأمثل لتحريرها من هذا العدوان القاسي.
عندما نتحدث عن العنف فمعظمنا يفكر في العنف الجسدي بينما هناك أيضاً العنف اللفظي والعاطفي الذي لا يقل أو قد يكون أشد خطورة من العنف الجسدي.
أكدت الأبحاث أن أشكال العنف النفسي أشد إيلاماً من الجسدي والتي تتمثل في التوبيخ يليه الاستهزاء والتحقير والسب والشتم، وقد يتجاوز الزوج الحدود فيبدأ بسب أهل الزوجة وأقربائها وتهديد الزوجة بالطلاق، وكل أنواع هذا الإيذاء اللفظي هو أحد أسباب الانفصال العاطفي والوجداني بين الأزواج.
ولكن ما الذي يجعل بعض الأزواج يستخدمون هذا الأسلوب في التعامل مع الزوجات؟
بعض الآباء والأمهات يستخدمون العنف العاطفي ضد الطفل بدافع التنفيس عن الضغوط الحياتية التي يتعرضون لها في حياتهم اليومية، وليس بدافع التربية وتقويم السلوك، والبعض الآخر يستخدم الأسلوب السلبي الذي تجرعوا مرارته في الصغر ليعكس على تصرفاتهم تجاه أطفالهم الجو نفسه الذي تربوا فيه، مما يجعلهم يعيدون ممارسة ما تلقوه في مراحل طفولتهم على زوجاتهم.
يقول الدكتور المختص في علم النفس التربوي «إن 90% من البرمجة الذاتية تتكون عند الأطفال من سن الميلاد وحتى سن السابعة» لذا سبع السنوات الأولى تعد مرحلة بالغة الأهمية في تكوين شخصية الطفل والتي تحدد سلوكه في سن الرشد.
فعنف الرجل يعود إلى طبيعة نشأته في أسرة تستخدم العنف كأداة تربوية في تقويم السلوك، وقد يحول الأمر ذاته المرأة إلى شخصية استسلامية، مما يشجع الرجل على الاستمرار في عنفه وممارسة إيذائه النفسي لها فتنعدم العاطفة بين الزوجين.
المصدر: البيان