كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة
علّمونا في صغرنا وما زالوا يعلمون الطلاب في المراحل الدراسية أن موضوع التعبير يبقى ناقصا إن لم نضع شاهدا فيه لتقوية الفكرة، وفي الغالب يكون الشاهد بيتاً من الشعر.
واعتاد الطلاب تداول عدد من الأبيات بحسب الفكرة، على شاكلة: وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت… الأم مدرسة إذا أعددتها… العلم يبني بيوتا لا عماد لها… أنا البحر في أحشائه…
ومن يخرج عن دائرة الأبيات المعروفة يحقق اختراقا ويسجل حالة خاصة قد يطرب لها المدرس. ولم يخطر ببال أي من الطلاب في جيلي أن يستعين بقصائد شاعر حديث كنزار قباني ضمن الشواهد الشعرية للموضوعات الإنشائية.
ربما لأنها لم تكن متداولة إعلاميا آنذاك، كما أن الحصول على المعلومة لم يكن سهلا كما هو اليوم، وإن أردت الوصول إلى ديوان ممنوع كعدد من إصدارات نزار، أو بحثتَ عن شريط كاسيت لأمسية شاعر مثل مظفر النواب، فإنك تحسب ألف حساب للعيون التي تراقبك ولـ”كاتبي” التقارير من بعض “الرفاق” الذين لا يتورع أحدهم عن اتهامك بأي شيء حتى وإن لم تفعله. وما على الجهات الأمنية إلا أن تصدقه، لأنه حريص على الوطن ويخشى أن يختل الأمن إن سمع أحد المواطنين قصيدة لنزار أو مظفر النواب.
العجيب أن هذا الموقف من قصائد الراحل قباني انقلب إلى النقيض ذات لحظة غفلة في مجلس الأمن الدولي منذ فترة قريبة، ولأن عقلية الطالب ما زالت مسيطرة على المندوب السوري في الأمم المتحدة، لم يستطع إلا أن يحشر بيتا شعريا لنزار قباني يقوّي به “موضوع التعبير” الذي كتبه ليلقيه أمام الآخرين، وأما بيت نزار:
(دمشق يا كنز أحلامي ومروحتي أشكو العروبة أم أشكو لك العربا) فهو يتحدث عن دمشق المدينة وليس دمشق “النظام” كما في لغتي النظام والإعلام، وقباني الذي لم يكتب قصيدته التوبيخية الشهيرة ليدافع عن نظام ما، تحوّل حين استخدم المندوب بيته في غير معناه إلى “بوق” للنظام، وهو الذي انحاز للشعوب في كتاباته السياسية. كما أنه غادر وطنه بسبب “النظام” ليموت بعيدا في قارة أخرى، وعاد جثة دفنت في دمشق، ثم أطلقوا اسمه على شارع في منطقة “أبو رمانة” الدمشقية. لم يصبح نزار وحده “بوقا” في الموضوعات الإنشائية. بل تلاه الأديب الألماني غوته، حين استشهد المندوب ببيع الروح للشيطان في ملحمته الشعرية “فاوست”. والكاتب الفرنسي إميل زولا في بيانه “إني أتهم”. كل ذلك في خلط غريب بين العمل الإبداعي والواقع، لتحقيق هدف سياسي يسعى المندوب له في “خطاب إنشائي” لم يقنع أحدا.
نشرت هذه المادة بموقع الوطن أون لاين بتاريخ (23-02-2012)