رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
لستُ محللاً رياضياً، ولا أفهم في الملاعب أكثر من مسؤولي اتحاد الكرة، والفنيين، وحتى الجماهير، لكن ما شهدناه يوم الخميس الماضي أمام المنتخب السعودي لم يكن إطلاقاً منتخبنا الوطني لكرة القدم، ومن كان في الملعب ليسوا أولئك اللاعبين الذين نعرفهم، وهُنا لا نتحدث عن النتيجة والهزيمة أبداً، وكنا سنردد الجُمل ذاتها حتى لو فاز المنتخب، ما نعنيه هو انعدام الروح، وضعف الأداء، وسوء التمثيل، وبذل أقل ما يمكن تقديمه من جُهد!
بالتأكيد، ما شاهدناه في الملعب هو نتاج طبيعي لما يحدث خارج الملعب، وليست بعيدٍة عنّا حادثة خروج خمسة لاعبين أساسيين في منتخبنا الوطني لكرة القدم، من معسكرهم في العاصمة الأردنية عمّان قبل مباراتهم مع المنتخب الفلسطيني، ليدخنوا «الشيشة» في مقهى لساعات، قبل أن تضبطهم عين أحد أعضاء الجهاز الفني، وأسوأ ما في الأمر بعد فِعل اللاعبين المُسيء، هو ردة فعل المسؤولين!
سعى المسؤولون في الاتحاد إلى تبرير الحادثة، ونفي فعل «تدخين الشيشة»، رغم ثبوت وقوعه بشكل قاطع، ومن ثم «لملمة» الموضوع بأسرع وقت ممكن، وبكل الوسائل الظاهرة والخفية خلف الكواليس، ومن ثم قبول «اعتذار» اللاعبين، وانتهى كل شيء، والحجة الأساسية هي عدم التأثير في اللاعبين سلبياً قبل لقاء السعودية، هذه هي الحجة، أما نتيجة هذا كله فكانت واضحة في الملعب، وبرهن اللاعبون بأدائهم السيئ، على أن قرارات وردة فعل الاتحاد على أخطائهم القاتلة لم تكن صحيحة من دون شك!
خبر تدخين اللاعبين للشيشة، أثناء وجودهم في معسكر «رسمي» ولساعات طويلة، ليس خبراً عادياً، فالفعل المُرتَكب يكاد يرقى للجريمة الحقيقية، التي تمس سمعة الدولة بشكل مباشر، فاللاعبون هناك لم يكونوا في نزهة، ولم يكونوا يقضون عطلتهم الصيفية، هم في مهمة وطنية بالدرجة الأولى، يمثلون الإمارات في تحركاتهم خارج الملعب قبل أن يمثلوها داخله، ولعله من السيئ جداً أن ينقل هؤلاء صور اللامبالاة وعدم الاهتمام والاكتراث بالمهمة التي يقومون بها أولاً، وعدم الشعور بجدية الموقف، وعدم تحمل مسؤولية اسم الدولة المطبوع على الزي الرسمي للمنتخب، والذي ارتدوه في ذلك المقهى وهم يدخنون «الشيشة»!
هي ليست حرية شخصية أيضاً، فالحرية تكون عندما يقضي كل منهم إجازته الخاصة بعيداً عن التزامات المنتخب، أما معسكرات المنتخب الوطني فتحتاج إلى ضبط وربط، واهتمام، وابتعاد عن كل ما يمكن أن يلحق ضرراً صحياً أو معنوياً باللاعبين.
هم ليسوا ملك أنفسهم، هُم جنود يجب أن يلتزموا بالتعليمات وأن ينفذوا الأوامر، وهُم قدوة لكل طفل وفتى وشاب في الإمارات، هُم يتقاضون الملايين شهرياً، وحصلوا على ملايين غيرها من قادة الدولة وحكومتها، لم يبخل عليهم أحد بشيء، كُل ذلك من أجل أن يظهروا بمظهر مشرّف، ويرفعوا اسم الإمارات في المحافل الدولية، وهذا يتطلب منهم المحافظة على صحتهم ومهارتهم ولياقتهم، ليقدموا أفضل ما عندهم، وبالتأكيد السهر و«الشيشة» لم يمكّناهم من ذلك، فكان المستوى ضعيفاً هزيلاً، والأداء سيئاً للغاية!
إنه مبدأ الثواب والعقاب، هؤلاء وجدوا من الثواب ما لا يحلمون به، تناثرت عليهم الملايين من كل جانب، رواتبهم الشهرية تتعدى رواتب ثلاثة وزراء أحياناً، أفعجزوا أن يكونوا على قدر المسؤولية؟! وعجزوا أن يلتزموا بالتعليمات أياماً معدودة؟! أليس من حق الدولة والمجتمع الآن مساءلتهم على هذه التجاوزات؟
المصدر: صحيفة الإمارات اليوم