كاتب وإعلامي سعودي
تعيش شوارعنا، وخصوصاً في المدن الكبيرة ومنها العاصمة الرياض، حالة من الاختناق المروري، على رغم ما يُقال عن خروج أعداد كبيرة من العمالة خروجاً نهائياً، ولكن يبدو أن هناك أعداداً مماثلة تصل في المقابل، وأعتقد أن حصول العامل الوافد على رخصة القيادة لدينا من أسهل الدول في العالم.
كلنا له تجربة مع سائق العائلة، إذ إنه عندما يصل نكتشف أن هذا السائق لا يعرف القيادة، ونأخذه في رحلات تدريبية في الشوارع ساعات، ومن ثم نحمله مسؤولية القيادة بالعائلة، على رغم ما يمثل ذلك من خطورة بالغة على الآخرين، ومن واقع تجربة، فإن كثيراً من هذه العمالة ولظروفها الاقتصادية في بلادها لم تملك أو تستعمل السيارة بتاتاً، ولكننا للأسف أصبحنا حقل تجارب لهم، أما كيفية حصولهم على رخصة القيادة، فهذه هي باعتقادي مشكلة كبيرة على الجهات المعنية لدينا التعاطي معها بكل جدية، فبعضهم يحصل على رخصة من بلده، وهذا للأسف يساعده في الحصول على رخصة القيادة عندنا بإجراءات بسيطة، فلا يكفي حضور عدد من المحاضرات في مدارس تعليم القيادة، أو اختبار عملي في ساحات تلك المدارس لمدة دقائق للحصول على رخصة القيادة، إضافة إلى استعمال بعض الكفلاء الواسطة لتسهيل الحصول على الرخصة لبعض العمالة الوافدة.
فمدينة الرياض تشهد ازدحاماً مرورياً هائلاً في أغلب الأوقات، وخصوصاً في الشوارع الرئيسة كما هي الحال في طريق الملك فهد أو الدائري الشرقي أو طريق خريص، وعندما تلتفت يميناً أو شمالاً تجد أن أغلب تلك المركبات، وهي بالمناسبة مركبات قديمة ومهترئة، يقودها عمالة وافدة، وهذا يدفعنا أن نتساءل؛ أين تكمن المشكلة، هل هي في الشوارع، أم في المرور وعملية ضبط الحركة المرورية، أم بسبب العمالة الوافدة وسهولة حصولها على رخص قيادة المركبات؟ وهذا يعني أن الجهات التي تصدر لهم الرخص، سواءً أكانت المدارس التي يفترض أن المرور يشرف عليها يوجد بها خلل كبير، أم أن إجراءاتها المتبعة غير ناجحة وتحتاج إلى إعادة تنظيم ورقابة صارمة من الجهات الرسمية.
ملاحظة أخرى على ما يحدث في شوارعنا من تلك المركبات التي مضت عليها عشرات السنوات، أن تلك العربات تغص بمعدات البناء والأنشطة التجارية من دون الأخذ بأسباب السلامة تجاه الآخرين، وأتساءل دائماً؛ لماذا لا نشاهد هذه المناظر إلا في شوارعنا؟ ألا تعتبر هذه مخالفة مرورية أم أن هناك تساهلاً من المرور تجاهها؟ النقطة الأخرى؛ لماذا لا تلزم الشركات والمؤسسات الخاصة بنقل عمالتها في سيارات كبيرة مع معداتهم كما هو معمول به في بعض المستشفيات التي نشاهد حافلاتها تنقل موظفيها بطريقة حضارية منظمة توفر السلامة لهم ولنا، ولا أعتقد أن هذه عملية صعبة، خصوصاً أن جهاز المرور يشهد عملية تطوير واستخدام متقدم للتقنية في عملية ضبط الحركة المرورية في مدننا.
بعضنا يطالب بألا يسمح لأصحاب بعض المهن بحق القيادة لدينا، مثل أن يأتي عامل بتأشيرة راعٍ أو مزارع أو نجار، وبعد أيام قليلة نجده خلف مقود سيارة كفيله أو سيارته الخاصة التي اشتراها بقيمة زهيدة نتيجة لقدمها، وهي في حالة يرثى لها، وما ينتج عن ذلك من حوادث أو عطل في شوارعنا، ما يتسبب في الزحام والاختناق المروري، الذي جعل رحلة قصيرة تسبب لنا المعاناة والأمراض من ارتفاع بالضغط والسكر وغيرهما من الأمراض.
المملكة مقبلة على قرب انطلاق وتشغيل شبكات «المترو» في الرياض مثلاً، وهذا يفترض أن يدفع الجهات الرسمية إلى التشديد على سهولة حصول العمالة على رخص القيادة، إذ إن شبكات المترو ستكون خياراً جيداً لتنقل هذه العمالة بشكل يضمن السلامة للجميع، وكلنا يعرف أن ما يفصلنا عن قيادة المرأة المركبات أشهر، وهذا سيزيد من حالة الاختناق المروري في مدننا إذا لم تعالج قضية قيادة العمالة الوافدة السيارات، وتوضع لها آلية صارمة، وتطبّق بجدية من المرور.
المصدر: الحياة