رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
التحديات التي تواجهها دول مجلس التعاون الخليجي في هذه الفترة العصيبة هي الأخطر من نوعها، وسوف يحمل لنا المستقبل القريب المزيد من هذه التحديات الإقليمية والعالمية، المؤشرات واضحة، وتؤكد ذلك، فهي لا تحتاج إلى تكهنات أو تحاليل سياسية عميقة، ولا تنظير من أهل السياسة والإعلام، كل ما نحتاجه لمعرفة هذه التحديات والمصاعب متابعة مجريات الأحداث والتحركات على مستوى إقليمي ودولي، ومقارنتها بالتاريخ السياسي لا أكثر ولا أقل!
ومادام الأمر حتمياً، فمن الضروري أيضاً أن تقتنع جميع دول المجلس دون شذوذ أي منها، بألا مجال لمجابهة هذه التحديات ومواجهتها بشكل منفرد، والسبيل الوحيد للعبور إلى بر الأمان هو مزيد من الترابط والتلاحم، وتوحيد المواقف والإجراءات، وإن كان الطريق للوحدة الخليجية مازال بعيداً فلا طريق آخر أمام دول مجلس التعاون لتسلكه سوى توحيد المواقف ووحدة الصف.
الإمارات دائماً ما تعبر عن هذا الموقف، وتسير سياستها الخارجية بشكل واضح نحو هذا الهدف، وهي تسعى للتجمع، وتكره التشتيت والتفرق، وهي دائماً وأبداً تسير في نهج واضح لم يتغير، هذا النهج هو ما عبر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أمس، خلال استقباله أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حين قال: «دول الخليج كلها يد واحدة.. وشعب واحد.. ومصير واحد، يوحدنا التاريخ والقرابة والنسب، وقبل ذلك الدين، ومصلحة شعوبنا الكبرى هي في تقاربنا».
لا مجال لغير ذلك، ولا مستقبل لنا من دون هذه القناعة، قد تحدث خلافات، وقد تتضارب وجهات النظر، لكن يجب ألا يطغى شيء على تشويه هذه القناعة، أو المساس بهذا المبدأ الدائم والثابت.
سياسة الإمارات الخارجية واضحة في هذا المجال، والإمارات لم تسعَ يوماً لتكريس خلاف، أو منافسة شقيق، أو تدخل في شؤون الغير، مهما كان هذا الغير، نهج واضح وضع أسسه المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ويسير عليه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، ونائبه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ويؤكده الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، إنه جزء من عقيدة سياسية راسخة لا تتغير، حتى إن تغير الآخرون.
والآن حان الوقت للتأكيد على هذه السياسة، والعمل مع بقية دول المجلس، لتوحيد المواقف، وإعادة الروح لنجاح هذه التجربة الرائدة في الوطن العربي، وتنسيق العمل المشترك بشكل أعمق، فلا مجال لإعطاء الخلافات فرصة للظهور، ولا مجال للخروج عن المألوف والمعتاد، ولا مجال لكسر الأعراف والتقاليد الخليجية التي هي أقوى من أي اتفاقيات، فالوجود الخليجي مهدد، والشعب الخليجي مستهدف، والقادة الخليجيون عليهم مسؤولية صعبة للغاية لمواجهة الضغوط والتحديات، وتالياً العودة للصف الخليجي الواحد هي الحل، وهي طوق النجاة.