هناء الحمادي (أبوظبي)- استبشر مؤخراً الشاب خالد سلطان وهو برفقة أصدقائه أثناء التجول في منطقة سويحان بأبوظبي بالفقع، استناداً إلى خبرته في كيفية استخراج هذا النبات، كما أنه من محبي تناول «مجبوس الفقع» الذي تعده له الوالدة، ويستطيع خالد أن يكتشف مكانه من خلال تشقق سطح الأرض أو تطاير الحشرات فوقه وهذه العملية تسمى «التفقع»، ثم يتم الحفر على جوانب النبتة، وتستخرج بهدوء من باطن الأرض ثم بعد ذلك تنظف النبتة من الأتربة.
ويضيف «يرتبط موعد ظهور الكمأة أو الفقع في الإمارات بالوسمي وهو أول المطر الذي يروي الأرض في شهري أكتوبر ونوفمبر ويحتاج إلى نحو سبعين يوماً ليكتمل، فيبدأ عشاقه رحلة البحث عنه، لجمعه وحصاده في منتصف يناير حتى بداية فبراير.
وتعددت أسماء الفقع، فقديماً كان يسمى «بنت الرعد»، و«الفقع»، ويعرفه آخرون بـ«الكمأة»، حيث يعتبر هذا الفطر من المصادر النباتية للبروتين، فضلاً عن احتوائه على ألياف غذائية مفيدة في تقوية وتليين الجهاز الهضمي، ويستبشر الناس بعد سقوط الأمطار بهذا النبات الذي ينمو في الصحراء، وهو ثمرة لا تزرع وإذا لم يتم جمعه يتحول إلى مادة تذوب مع التراب.
ويعتبر الخمسيني سعيد الحتاوي من إمارة الشارقة أن الفقع من النباتات التي يرغبها أهل الإمارات، ويعرفون مناطق وجودها، كما يجدون المتعة في جمعها حين يبحث كل أفراد العائلة عنها في الصحراء، فالجميع صغاراً وكباراً ينتشرون للبحث عن الفقع الشهي، الذي يعرف مكان وجوده من خلال تشقق الأرض.
وعن الوقت المناسب للبحث عن الفقع، يقول: أفضل وقت للبحث عنه هو عند الفجر أو حين بزوغ أشعة الشمس، وعند العثور عليه يجب حفظه في مكان مظلم وبارد، والأفضل وضعه في سلة، مع مراعاة عدم وضعه في أكياس بلاستيكية لتجنب فساده وتغير مذاقه.
وأوضح الحتاوي أن المتعارف عليه بين أهل الإمارات، أن الفقع يحتوي على كمية كبيرة من البروتينات وفيتامين (أ)، ويتميز بلون أبيض ناصع ورائحة قوية مميزة، مبيناً أن ظهوره يأتي بعد موسم الأمطار التي تساهم في خروج هذا الفقع متعدد الأنواع والأحجام، ومع بدء موسم الفقع تعتبر هذه النبتة من الهدايا التي يتداولها الناس فيما بينهم، وأشهر الأنواع الفقع البني ويكون مثل شكل البطاطس، ويليه الزبيدي ثم العريون، وهما أبيضا اللون.
وعن أماكن انتشاره يذكر الخمسيني أنه يوجد في السهول الطينية أو الملحية، مثل المناطق الحدودية أو الساحلية الموجودة بين دبي وأبوظبي والسرة في أم القيوين، وفي بعض مناطق رأس الخيمة، كما يوجد في منطقة سيح شعيب وجبل علي وسويحان في أبوظبي.
وعن كيفية طهوه وإعداده، ذكرت مريم الكعبي خبيرة فنون الطبخ الإماراتي أنه نتيجة لأن الفقع أملس وذو قشرة رقيقة، فقد يكتفى عند إعداده للطهو بنقعه بماء دافئ، للتخلص من الأتربة العالقة به، ثم يحك بظهر السكين بدلاً من تقشيره، وإذا كان سطحه كثير الشقوق فيفضل أن يغلى بالماء قليلاً للتخلص من الأتربة الداخلة بين تلك التشققات، مشيرة إلى أن هناك طرقاً عدة لطهوه، وأنه قد يؤكل مع الخبز بعد «تشويحه» فوق النار بالزيت مع البصل والطماطم والتوابل، كما يمكن وضعه مع اللحم والأرز وقد يستخدم حشواً لأنواع مختلفة من الأرز، كما أنه يطيب ويؤكل مسلوقاً، ويمكن أيضاً إعداد مرقة الفقع مع الأرز الأبيض أو مجبوس بالفقع.
من جانبه، يقول البائع عبدالرحمن إبراهيم، نظراً لندرة نبات الفقع وقصر موسم نموه وظهوره، فإن أسعاره مرتفعة جداً نظراً للإقبال عليه خصوصاً في بداية ظهوره، ويتجاوز سعر الكرتون الكبير 700 درهم، حيث يشهد إقبالاً كبيراً من المواطنين، ويتميز بلذة الطعم بعد أن يطهى مع الأرز مضافة إليه كمية من السمن البلدي.
المصدر: الاتحاد