عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

القارئ الأخير!

آراء

في كتاب بعنوان (القارئ الأخير) ترد بعض التساؤلات حول القارئ، ما هو أو من هو هذا الذي نسميه القارئ؟، ما الذي يقرؤه على وجه الدقة ليحمل هذا الاسم أو هذا اللقب؟، ماذا يحدث له حين يقرأ وبعد أن يقرأ؟، من يمنحه الحكاية التي يتباهى بها كونه شخصاً مختلفاً، كونه قارئاً مطلعاً؟، في هذا الكتاب هناك من يقول لك إن قراءة الأدب فقط هي القراءة الوحيدة التي تمنح القارئ اسماً وحكاية، وليس أي قراءة أخرى، فلماذا الأدب دون غيره؟.

لأن الأدب معني ومنشغل على الدوام بأسئلة الإنسان الأولى والكبرى حول كل ما يحيطه، حول ما يعرفه وما هو مجهول بالنسبة له، حول الحياة وما خلفها وحول الوجود وأسراره، وحول الإنسان وصراعاته.. الأدب هو الميدان الذي تتبارى فيه المعارف وتطرح على ساحته كل الأسئلة في محاولة قد لا تنجح أحياناً في العثور على الإجابات.

ليس من مهام الكاتب أن يقدم وصفات شافية للحيرة وإجابات منقذة من الارتباك الإنساني حيال أسئلة الوجود والحياة، ولكن أعظم مهامه تتلخص في قدرته على التعبير عن هذه الحيرة وهذا الارتباك والتعبير عنها بوضوح دون مواربة أو تهرب، هذا أهم ما يقدمه الأدب للإنسان في كل حالاته وتقلباته، وبذلك يضع الأدب الإنسان في مواجهة نفسه وذاته والواقع والآخر والمخاوف وجميع التحديات، وفي كل ذلك يتخلص الإنسان من كثير من المناطق المعتمة والمظلمة في نفسه فيكتشفها ويتصالح معها.

الأرجنتيني ريكاردو بيجليا هو روائي وقاص، ومن أشهر المشتغلين بالنقد الثقافي والإبداعي في أمريكا اللاتينية، يعتبر هذا الكاتب أن القارئ المدمن هو القارئ الذي لا يستطيع التوقف عن القراءة، أما القارئ الأرِق، فهو القارئ المتيقظ دائماً من أجل المزيد من القراءة، وكلاهما متطرفان في علاقتهما بالقراءة، لكنه مع ذلك يمنح هذين القارئين وصفاً يكاد يكون رومانسياً حين يقول «وقد أسميهم القراء الأنقياء» لأن القراءة بالنسبة لهم ليست ممارسة عادية، بل هي «أسلوب حياة».

المصدر: البيان