القبيلة في ليبيا هي مَن تقود المجتمع الليبي اليوم نحو تأسيس دولة مدنية تكون دولة القانون والنظام. وأبناء القبائل في ليبيا هم مَن قرروا طرد الجماعات المتطرفة من مناطقهم ومدنهم. بل إن بعض مشايخ القبائل الليبية أعلنوا سحب الحماية القبلية عن أيٍّ من أبناء القبيلة ينضوي تحت لواء جماعات العنف المسلحة في ليبيا.
القبيلة في ليبيا تتبنى مشروع الدولة المدنية وتحميها. وهي اليوم أهم مكوّن ومؤثر في بناء الدولة الجديدة في ليبيا. وفي اليمن كانت القبيلة وما زالت «صمام أمانٍ» للسلم الاجتماعي داخل اليمن. ولولا عقلانية القبيلة وواقعيتها لتحقق حلم الرئيس السابق باندلاع حروب أهلية تطيل أمد مماطلاته وألاعيبه. وبعض مَن يمارس النقد الجاهل ضد القبيلة، خصوصاً من مثقفينا وكتابنا، ينطلق في تعميماته من زاوية ضيقة لا ترى في القبيلة سوى العصبية الجاهلة. ينتقدون القبيلة وهم – في حياتهم العملية – يمارسون يومياً «القبائلية». فالشللية والمناطقية والفئوية من أشكال العنصرية البغيضة، خصوصاً حينما يحرم بسببها إنسان من حقه أو يُمنح إنسان ما لا يستحقه فقط لأنه من أعضاء «الشلة»! ننتقد القبيلة حينما يصبح التفاخر بها شكلاً من أشكال العنصرية. وننتقد بعض المظاهر المحسوبة عليها إن شكّلت ما يمكن أن يهدد وحدة الأوطان. لكنها اليوم بقيت صمام أمان وطني كما في النموذجين الليبي واليمني.
أما تهميش القبيلة أو السخرية مما تبقى من أعرافها في الإصلاح ولم الشمل، كما نقرأ لبعض الكتاب والمثقفين، فإنما دلالة أخرى على جهل بعضنا بأحد أهم مكونات مجتمعاتنا. ومَن يجهل كيف يمكن أن تكون القبيلة من روافد بناء الدولة الحديثة وحمايتها عليه أن يقرأ تجارب القبيلة الراهنة في ليبيا واليمن لعله يتعلم أن بإمكان القبيلة أن تكون «صمام الأمان» للمجتمع، خصوصاً وقت الحروب والأزمات. وما دامت بدائل القبيلة المدنية غائبة أو ممنوعة فسيبقى دور القبيلة أساسيا في حماية الأفراد والأوطان!