كاتب مصري
يتعرض القضاء المصري لتهديدات خطيرة من قبل جماعة الإخوان المسلمين، التي باتت لا تستحي ولا تخفي نواياها السيئة تجاه تدمير مؤسسات الدولة المصرية الحديثة، هذه المؤسسات التي بناها الشعب المصري على مدى قرون طويلة، بكفاحه وبجهده وبعلومه وبتاريخه العظيم، إذ تُعد المؤسسة القضائية المصرية واحدة من أقدم وأشهر مؤسسات القضاء في العالم كله، بل إن خبراء مصر القانونيين ساهموا بخبراتهم في إعداد وتأسيس مؤسسات قضائية في العديد من الدول العربية والأجنبية، والآن.
وفي إطار سياسة الهدم المتعمدة من الإخوان المسلمين، نرى القضاء المصري مستهدفاً بشكل فاضح وفج، ولا نسمع ولا نرى من السلطة الحاكمة أي دفاع أو موقف واضح في مواجهة هذه الحملة التي يتابعها العالم كله.
وقد أرسل الاتحاد الدولي للقانونيين، لجنة من خمسة من القضاة للتضامن مع قضاة مصر، منهم قضاة من بريطانيا وفرنسا وتونس، ومهمة اللجنة هذه التأكد من التزام السلطات المصرية بمبدأ استقلالية القضاء واحترامه، واجتمعت اللجنة مع القضاة المصريين واستمعت لشكواهم، وأكدت أنها ستنقل ما يتعرض له القضاء المصري للعالم كله.
لقد عشنا حياتنا السياسية في مصر في صفوف المعارضة ضد النظام الحاكم على مدى أربعة عقود مضت، وكان سندنا الوحيد وحامينا الأول في معارضتنا للنظام هو القضاء المصري، وحتى التنظيمات والجماعات الإسلامية السياسية.
وعلى رأسها الإخوان المسلمون، لولا القضاء المصري المستقل والمحايد والعادل، لما كان لأكثرهم وجود الآن. وأذكر العديد من القرارات التي كان الرئيس السادات يصدرها ويبطلها القضاء، ويلتزم الرئيس بحكم القضاء، وكذلك في عهد مبارك، ولم يفكر أحد منهما أن يمس المؤسسة القضائية أو يفرض هيمنته عليها.
ما يفعله الإخوان المسلمون، أو بالأصح «المتأسلمون» مع القضاء المصري تحت شعار «التطهير»، ليس إلا مخططاً واضحاً ومكشوفاً للهيمنة على هذه المؤسسة وأخونتها، خاصة بعد تراجع شعبية الإخوان المسلمين بشكل واضح لا يسمح لهم الآن بخوض انتخابات ديمقراطية والاحتكام للصناديق، إلا إذا تم تزوير هذه الانتخابات.
وهو الأمر الذي لا يمكن أن يتم في ظل إشراف القضاء عليها. ولهذا يسعون وبسرعة، لفرض هيمنتهم على القضاء ووضع أعوانهم على رأس هذه المؤسسة، وتوزيعهم أيضاً داخلها حتى يتمكنوا من تزوير الانتخابات المقبلة، برلمانية كانت أو رئاسية.
مصر في ظل حكم الإخوان فقدت أهم مبدأ في تكوين الدولة، وهو مبدأ الفصل بين السلطات (التنفيذية والتشريعية والقضائية)، حيث وضعت السلطة التشريعية في يد الإخوان من خلال مجلس الشورى الذي لم يشارك في انتخاباته سوى خمسة في المائة من الشعب، والآن تأتي حملة الإخوان ضد القضاء تحت شعار التطهير، وهكذا تضيع الدولة التي بناها الشعب المصري على مدى قرون طويلة.
الآن السؤال.. أين منظمات حقوق الإنسان العالمية التي صدعت رؤوسنا بدفاعها عن كل من هب ودب وعن كل فاسد وصالح؟ أين هي مما يحدث الآن للقضاء المصري على يد جماعات الإخوان الخارجين من الكهوف لأداء مهمة واحدة، وهي هدم الدولة المصرية الحديثة؟!
المصدر: البيان