أخبرني أحدهم أن مساعده، من سيريلانكا، لا يتجاوز راتبه خمسة آلاف ريال. قال إن مساعده استطاع بناء بيت العمر من تحويلاته لبلاده. راتب صاحبنا خمسة أضعاف راتب مساعده. ومع ذلك مازال يقيم في منزل بالإيجار. يولد المرء منا ويموت وعيناه معلقة على الحلم الكبير: البيت!
كم أغتاظ من شركة سعودية أرباحها السنوية، وربع السنوية، بمئات الملايين. ثم لا تراعي الفوارق في أنماط الحياة بين موظفها السعودي والآخر الأجنبي. فما تشتريه بألف في بعض البلدان الآسيوية قد تشتريه بعشرة آلاف في المملكة. لكنه خطأ أن ننتظر القطاع الخاص أن يبادر بنفسه بزيادة رواتب موظفيه السعوديين. فما لم تكن ثمة قوانين تنظم عملية الأجور في شركات القطاع الخاص فسيبقى هذا القطاع يبحث عن العمالة الرخيصة. وسيتمادى في رفع رواتب أهل “العيون الزرق”.
وبين هذا وذاك ضاع الشاب السعودي الذي يحمل همّ امتلاك البيت منذ الولادة حتى الممات! فكرة “المسؤولية الاجتماعية” لدى القطاع الخاص ليست فكرة نبيلة تتبناها الشركات الخاصة من طوع ذاتها، لا، إنها مشروع وطني لابد أن تكون له أنظمته وضوابطه حتى تدرك شركات القطاع الخاص أنها شريك في الأزمة وشريك في الحل.
من حق المجتمع أن يطالب بالشفافية في أرباح شركات القطاع الخاص وفي أوجه إنفاقها. ومن المصلحة الوطنية الكبرى أن يشارك هذا القطاع الحيوي-وهو ملزم بذلك وليس تكرماً أو تطوعاً– في إيجاد حلول للبطالة المخيفة بين شبابنا –أولاداً وبنات– وفي بقية القضايا المهمة في مسائل الاقتصاد والتنمية والمجتمع!
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٢٦٩) صفحة (٢٨) بتاريخ (٢٩-٠٨-٢٠١٢)