كاتب و ناشر من دولة الإمارات
«لدينا حياتان، الحياة الثانية تبدأ عندما ندرك بأننا لا نمتلك إلا حياة واحدة».
كونفوشيوس
تهدينا الحياة أفضل اللحظات وتأخذها منا في الوقت الذي تحدده، إنه الطعم الذي يجذبنا، وما إن نمسكه حتى يسحبنا إلى خط النهاية، وما بين الهدية وفقدانها مضمار طويل.. عمر يقطعنا قبل أن نقطعه.
للحياة منطق مختلف وغير متوقع. تأتيك هداياها مغلفة تدهشك بالتفاصيل وجمال الترتيب. يذهلك التوقيت. تتقبلها بفرح وشغف. تضيع في تفاصيلها. تأخذك بعيداً معها. تتمنى ألا تعود وأن تبقى رهين هذه اللحظة، أسير الهدية، وتنسى أو تتناسى أن عليك الرجوع، وأن هذه اللحظة كغيرها هاربة، وستأتي غيرها… هكذا هي دورة الحياة دائماً تذهلنا بمنطقها اللامتوقع.
علاقتنا مع الحياة هي العلاقة الأكثر تحدياً وعمقاً، معها نظل في حالة شد وجذب، لا نتوقع الأحداث، على الرغم من أننا أحياناً نصنعها، ولا نملك التوقيت على الرغم من أنه معلق على معاصمنا. للحياة أسرار، ونحن إحداها، وقد تكون الحياة بالنسبة للكثيرين لغزاً، وتبقى علاقتنا معها اللغز العصي على الحل.
«اضبط أو وقِّت ساعتك بتوقيت الفراق!».
تلك اللحظة الهاربة دعها ترحل!، قال لي صاحبي: لا تحاول أن تقتنصها، لأنك ستبقى أسيرها. ستأتي غيرها، وكل ما عليك فعله هو أن تعيش اللحظة.
قلت له: ماذا نفعل في كم الذكريات، في الصور المعلقة على جدراننا وأسمائهم المطبوعة في قلوبنا؟!
قال لي: بما أنك عشت تلك اللحظات فتعلم كيف تدعها تهرب منك بلا مقاومة.
قلت لنفسي: من يستطيع أن يمنع اللحظة الهاربة؟
هناك شيء واحد مؤكد فقط في الحياة، هو أننا نضيعها.
(كارسيل أشارد)
هناك أشياء كثيرة تحدث في الحياة خارجة عن توقعاتك وليست تحت سيطرتك. أنت لا تتحكم في الوقت بل هو الذي يتحكم بك. عندما تنظر إلى الغد أرمقه بالإيجابية، وأحضنه بالتفاؤل، وكما أنك تفكر بغَدِكَ لا تهمل الآن، وتذكر جيداً أنك إذا أردت يوماً مختلفاً فلابد أن تفكر بوقتك بطريقة مختلفة.
وكما يقال دائماً فإن «الأوقات الجيدة تصبح ذكريات سعيدة.. الأوقات السيئة تصبح دروساً جيدة».
نتعلم الكثير من الماضي ويعلمنا، وحتى عندما يهرب منا نعلم يقيناً أننا تعلمنا منه الكثير.
لا تحاول اللحاق باللحظات الهاربة.. هنالك لحظات تنتظرك قادمة.
المصدر: صحيفة الاتحاد