رحب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد أمس، بإفراج قوات التحالف العربي عن 52 طفلاً يمنياً كانوا جندوا من قبل مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية واعتقلوا على الحدود السعودية، تمهيداً لتسليمهم إلى ذويهم معتبراً عملية الإفراج خطوة إيجابية في ملف السجناء والمعتقلين.
وأشاد في بيان عقب جلسة مع وفد الحكومة ولقاءات ثنائية على هامش مشاورات السلام المنعقدة في الكويت، بجهود التحالف والحكومة اليمنية في دعم هذا الملف في شهر رمضان المبارك، داعياً جميع الفرقاء إلى تنفيذ التزاماتهم والمضي قدماً بهذا الملف الإنساني والإفراج الكامل عن جميع الأسرى والمعتقلين بأقرب وقت ممكن.
وقال المبعوث الأممي إنه عقد جلسة مع وفد الحكومة اليمنية جرى خلالها بحث خطوات عملية لتسهيل عمل المنظمات الإنسانية وفتح الممرات لتقديم الخدمات الأساسية لليمنيين.
وأضاف أن المباحثات تطرقت كذلك إلى وضع آليات ومبادئ لتفعيل التنسيق بين الحكومة والمنظمات الإنسانية من أجل تحسين الوضع العام في المحافظات الأكثر تضرراً في النزاع.
وذكر أنه أجرى كذلك لقاءات ثنائية مع بعض رؤساء الوفود تطرقت إلى آلية التصور العام للمرحلة المقبلة. وأشار إلى أنه التقى كذلك شخصيات سياسية ودبلوماسية لاطلاعها على آخر المستجدات، موضحاً أن الجميع جددوا دعمهم لمسار السلام وأهمية التوصل لحل سياسي شامل ينهي النزاع ويؤمن الاستقرار للشعب اليمني.
من جهته، أعرب المخلافي عن شكر الحكومة للأشقاء في المملكة العربية السعودية وقيادة التحالف العربي للإفراج عن الأطفال الـ52 وتسليمهم للحكومة اليمنية، وقال إن الأطفال الذين زجت بهم جماعة «أنصار الله» (الحوثيون) في الحرب على الحدود تتراوح أعمارهم بين 8 سنوات و17 عاماً وسيجري الإفراج عنهم، مطالباً الصليب الأحمر الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» بضرورة القيام بدورهما في حماية الأطفال وحماية المعتقلين.
ودعا المخلافي «الحوثيين» وأنصار المخلوع صالح إلى الالتزام بتنفيذ اتفاق الإفراج عن المعتقلين وكذلك ما ورد في قرار مجلس الأمن 2216 بشأن المعتقلين، مؤكداً أن الجرائم في حق الطفولة والمدنيين ولاسيما في تعز لن تسقط بالتقادم. وقال إن الانقلابيين أفشلوا عمل لجنة المعتقلين في مشاورات الكويت برفضهم الصريح الالتزام بمقتضيات القرار 2216، الذي ينص على الإفراج عن المعتقلين المشمولين بالقرار، والضغط كذلك عليهم لوقف قتلهم للمدنيين عبر قصفهم المدن والأحياء السكنية ومحاصرتها ومنع وصول الدواء والغذاء إليها وبصورة خاصة ما يجري في تعز من قتل للأطفال والنساء والمدنيين الذي تتحمل الأمم المتحدة المسؤولية الأخلاقية عن توفير الحماية لهم.
ولفت إلى أنه وللأسف الشديد، ورغم ما تقدمه الحكومة من مساعدة للأطفال المغرر بهم وأسرهم، تستمر المليشيا في اختطاف المواطنين والزج بهم في السجون وإخفائهم ومنع الزيارة عنهم في عملية انتهاك مستمر للحقوق الإنسانية للمواطنين التي كفلتها قواعد الدستور والقوانين ومخرجات الحوار الوطني والمعاهدات التي صادقت عليها اليمن والمواثيق الدولية. وقال «إن المليشيا قامت بإخفاء القيادات السياسية والصحفيين والناشطين المدنيين وبعضهم منذُ سنة وبضعة أشهر عن أهلهم وذويهم، ومن تفرج عنه منهم لا يتم ذلك إلا بفدية مالية وابتزاز لأسرهم، غير عابئين بشرع ولا قانون ولا أخلاق أو أعراف»، مضيفاً «يأتي ذلك في ظل تراخ واضح من المجتمع الدولي في هذا الجانب، بما في ذلك مع الأسف منظمات حقوق الإنسان الدولية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، وتضليل من منظمات تدعي نشاطها في مجال حقوق الإنسان تسخر للتغطية على هذه الجرائم».
وأكد المخلافي أن الحكومة وهي تقدم على هذه الخطوات إنما تقدم عليها من منطلق مسؤوليتها الوطنية تجاه شعبها ملتزمة بقيم وقواعد النظم والقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية وقواعد الأخلاق الإنسانية. ودعا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان للضغط على المليشيا الانقلابية، لكشف مصير المختطفين والمحتجزين لديها وفي مقدمتهم من شملهم القرار 2216 والإفراج فوراً عنهم وعن جميع المختطفين والمحتجزين تعسفاً.
من جهة ثانية، عقد الوفد الحكومي جلسة مسائية مع المبعوث الأممي ناقش خلالها الترتيبات العسكرية والأمنية وتأمين صنعاء خلال انسحاب مليشيا الحوثي وصالح منها بالإضافة إلى الانسحاب من المدن وتحديد المدن والإطار الزمني للانسحابات والمرحلة الأولى من عودة الحكومة. كما ناقش استعادة مؤسسات الدولة بعد إلغاء ما يسمى بالإعلان الدستوري والقرارات الإدارية التي ترتبت عليه وإزالة العراقيل أمام عمل مؤسسات الدولة وهي مرحلة موازية للانسحاب من المدن وتسليم السلاح بما يمهد لعودة الحكومة. وجرى الحديث خلال الجلسة حول استكمال واستئناف المرحلة الانتقالية والمسار السياسي بحسب المرجعيات، ودور المؤسسات الدستورية كمجلسي النواب والشورى خلال الفترة المقبلة.
من جهته، نقل موقع «العربية» عن مصدر حكومي مشارك في المحادثات تأكيده إحراز تقدم كبير في مناقشة الترتيبات العسكرية والأمنية، ووجود تفاهمات على بحث تفاصيل تشكيل حكومة بعد الانتهاء من وضع ترتيبات الملف العسكري والأمني. وأوضح أن المناقشات تناولت إلغاء ما ترتب على الإعلان الدستوري للانقلابيين من تغييرات وإزالة كافة العراقيل أمام عمل الحكومة، وذلك بعد تنفيذ الانسحابات من المدن وفق خطة حددت مناطق الانسحاب بالمنطقة (أ) ونطاقها الجغرافي صنعاء ومحافظتي عمران والحديدة، فيما يجري بحث ترتيبات انسحاب المليشيات من منطقتين أخريين افتراضيتين هما (ب، ج) لم يحدد نطاقهما الجغرافي ولا إطارهما الزمني بعد.
وتوقعت مصادر دبلوماسية أن يعرض المبعوث الأممي خلال الأيام المقبلة مشروع اتفاق متكامل على أطراف الأزمة اليمنية جرت بلورته بالتنسيق مع سفراء عدد من الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن، ويشمل بنوداً لمعالجة الوضع الأمني والعسكري والسياسي والإنساني والاقتصادي بشكل متزامن ومتكامل من خلال إجراءات متزامنة أيضاً، بحيث تتولى لجنة عسكرية مشتركة الإشراف على انسحاب المليشيات وتسليم السلاح واستعادة مؤسسات الدولة بالتزامن مع تشكيل مناطق أمنية وتشكيل حكومة شراكة وطنية، وإلغاء ما يسمى الإعلان الدستوري والقرارات الإدارية المترتبة عليه.
ويؤكد طرفا النزاع، وفق مشروع الاتفاق، التزامهما استئناف العملية السياسية من حيث توقفت قبل الانقلاب لاستكمال المرحلة الانتقالية والمسار السياسي بحسب المرجعيات، ودور المؤسسات الدستورية كمجلسي النواب والشورى خلال الفترة المقبلة. وقالت المصادر إن الطرفين يبحثان عن ضمانات من الوسطاء الدوليين لضمان تنفيذ أي اتفاق يتم التوصل إليه دون حدوث أي انقلاب عليه أو إخلال بتنفيذ بنوده.
المصدر: الإتحاد