كاتب و ناشر من دولة الإمارات
ما الدور الذي يمكن للمثقف أن يمارسه عندما يقود إدارة المؤسسات الثقافية؟ هل يستطيع أن يحقق التوازن بين دوره كمثقف وقرارات الإدارة؟
خطط بعض المثقفين أو «الفاعلين في الساحة الثقافية» للفوز في انتخابات أحد مجالس إدارة مؤسسة ثقافية بمقاعد المجلس وإدارة المؤسسة للفترة المقبلة، وقد استطاعوا بعد القيام بترتيبات واجتماعات معينة إزاحة المنافسين، والظفر برئاسة المجلس. إن معظم المشاركين في هذا الحدث أسماء معروفة، لها إنتاجها الفكري والأدبي في الساحة الثقافية، وقد حرصوا على البقاء بقرب منظومة الإدارة في جميع الفترات السابقة، وأثناء النقاشات مع الأصدقاء والمهتمين بهذا الموضوع، برزت آراء مختلفة وعديدة حول ما حصل في تلك الانتخابات.
قال أحدهم: هل يمكن أن نطلق على هذا الموضوع مؤامرة؟ لكن الأمر كان مختلفاً، حيث لم تكن هناك أية أجندات مسبقة، وكان باب الترشيح مفتوحاً، وللجميع حق مكفول للترشح إذا اقتنع المترشح بأن ترشحه سيضيف محتوى مهماً لهذه المؤسسة والمجتمع. وفي جميع انتخابات الجمعيات ذات النفع العام، تصاحب نيّة الترشح ترتيبات واجتماعات لإقناع الناخبين بأحقية هذا الفرد بالترشح، ورؤيته الثقافية المزمع تنفيذها. وأضاف: «أنا لا أؤمن بنظرية المؤامرة، رغم الاسم الجميل الذي تحمله هذه المؤسسة الثقافية، لكنها لا تقود فعلياً العمل الثقافي إجمالاً في الدولة، وأداؤها من وجهة نظري أقل من مستوى المتوسط، فلماذا نعطي كل هذا الاهتمام لقطاع غير منتج ولا تأثير كبيراً له؟!».
وعبّر الثاني عن وجهة نظر مختلفة بقوله: «لماذا يتوهم كثير من المثقفين أن لديهم القدرة الإدارية الكافية لقيادة المؤسسات الثقافية، ذلك لأن الثقافة والإدارة عنصران مختلفان تماماً، ومن العجيب أن يحرص هؤلاء على الدخول في مجلس الإدارة لأسباب يعللونها، مثل كون هذا المثقف أو ذاك هو أحد الذين أسهموا في إنشائها، أو أن لديه إنتاجاً فكرياً أو أدبياً يخوله المعرفة بدهاليز الإدارة وأحقيته بالبقاء، إنه نوع من إحساس الملكية لهذه المؤسسات أو تلك، لذلك نجد الصراع في أشده على مسألة الوصول والبقاء والسيطرة».
وأثناء النقاش، كان ردي عليهم، بأن «هناك جدلية المثقف والسلطة عند جلوسه على الهرم، في هذه الحالة، هل يبقى مثقفاً يحمل هموم الثقافة الكبرى، أي هموم وقضايا آمن بها وحارب لأجلها، وتحدث بها، وكتب عنها، أم أنه سيخلع ثوب المثقف، ويرتدي ثوب المدير بكل ما يمتلك من صلاحيات مالية وإدارية وقرارات في مصلحة المؤسسة الثقافية التي لن تكون بالضرورة في مصلحة الثقافة والمثقفين؟».
كثير من المثقفين والأدباء الذين حصلوا على فرصة الدخول في مجالس إدارات ثقافية واجهوا هذا التحدي الصعب، فالبعض منهم انسحب لعدم قدرته على حفظ التوازن، وآخرون مازالوا يمارسون لعبة مجالس الإدارة، والاستفادة من الامتيازات التي يحصل عليها العضو المنتخب. لهذه الفئة قدرات لافتة على البقاء والاستمرار وقلب المواقف لمصلحتهم، ولا أعتقد أن في نيتهم التنازل قريباً!
وحتى لا نسيء الظن، هناك قدرات محلية تريد أن تخدم الثقافة بإخلاص، لكن العبور إلى المؤسسات الثقافية ومجالسها درب شائك، تتحكم فيه نخبة معينة، وحتى عبورها قد لا يضمن الوصول والقبول.
يقول صاحبي: ماذا عنك، هل تريد أن تخوض هذا التحدي؟
قلت له: لا تعليق.
المصدر: الإمارات اليوم