قبل البارحة، شاهدت في دبي فيلم “المرأة الحديدية” الذي يحكي جوانب مهمة من حياة مارغريت تاتشر. مر الوقت سريعاً لروعة الفيلم و إبداع مخرجه. يصور الفيلم قصة تاتشر في تألقها السياسي وإصرارها أن تصل لما أرادت أن تصل إليه. في شبابها كان مستغرباً على المرأة في بلادها أن تخوض غمار السياسة أو أن تتحدث في حضرة الرجال عن الشأن العام. ولأنها ابنة “بقال” فقد كان من شبه المستحيل أن تدخل دوائر النخبة السياسية البريطانية. كان مستنكراً عليها أن تطمح في أي منصب إداري أو دور سياسي. ومع ذلك كانت أول سيدة بريطانية تصل منصب رئيس الوزراء. نتفق أو نختلف على سياسات تاتشر و مواقفها لكن الفيلم يشرح بإبداع كيف اكتسبت هذه الأسطورة السياسية لقب السيدة الحديدية. فيلم يستحق بكل اقتدار أن يدخل قائمة أفضل الأعمال السينمائية الحديثة. ومع ذلك فقد غفيت قليلاً – خلال الفيلم- في أسئلة بدأت بتاتشر و طالت قصة مجتمعي مع المرأة و السينما والعالم: ما ذا سيحدث لو شاهد السعوديون في دار سينما بالرياض أو الخبر أو تبوك أو جدة أو أبها فيلماً بعمق ورقي فيلم المرأة الحديدية؟ ولماذا يُحرم السعوديون السينما في ديارهم و يتسابقون إليها في دبي و بيروت و القاهرة و غيرها؟ ثم سألت: لماذا لا يصدق بعضنا أن المشهد السياسي في بلاد العراقة الديموقراطية كان إلى عهد تاتشر خالياً من أي دور سياسي مهم للمرأة في البرلمان ومواقع الصدارة السياسية؟ ولماذا لا يخجل “الغرب” من كشف أوراق الأمس القريب تلك التي تفضح أخطاء و إخفاقات سياسييه، المغمور منهم والشهير؟ تلك أسئلة حفزني فيلم “المرأة الحديدية” على طرحها. لكنها – بالتأكيد – لم تكن كل الأسئلة!
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٧٢) صفحة (٣٦) بتاريخ (١٤-٠٢-٢٠١٢)