كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية
من حق المرأة السعودية أن تكون جزءاً أصيلاً من رؤية السعودية 2030 وبنسبة ثابتة تمثل ذات وزنها وتمثيلها في هذا المجتمع، مثلما هو واجب علينا أن نرفع للقيادة العليا ولفرق العمل التي تصبغ اليوم برامج التحول الوطني أن ننقل إليها نبض المجتمع وهواجس القواعد الشعبية حول هذه الرؤية. من حق فرق العمل أن نقول لهم بوضوح إن المرأة السعودية لم تشعر أن لها مكاناً واضحاً مفتوحاً في هذه الرؤية، مثلما من حقنا أن نقول للمرأة إن الرؤية لم تنته ولم تتبلور بعد وعليها الانتظار لا العجلة.
لماذا أكتب اليوم هذا العنوان؟ مساء البارحة هاتفتني سيدة سعودية في الستين من العمر، مثلما تقول، وهنا زبدة القصة: تزوجت هذه الفاضلة من أخوين شقيقين، وبالطبع بعد وفاة الأول الذي أنجبت منه أربع بنات ثم رزقها الله من الثاني بثلاثة أولاد. وكل السبعة هم أولادها وبناتها ولكنها تشتكي من التمييز، فهي تتحدث عن “ذكور” ثلاثة يذهبون كل صباح إلى عوالم المكتب والوظيفة والحياة العامة بينما البنات الأربع “الأكبر طبعاً” على مشارف الأربعين من العمر وبشهادات جامعية لا زلن بعد هذه العقود أسرى لجدران المنزل، نحن هنا نتحدث عن مثال صارخ لأسرة سعودية واحدة لكنه بكل الامتياز يعكس حجم المشكلة. هذه الأم كانت تتحدث إلي بصوت غاضب وهي تتهمنا معاشر الكتاب بالانشغال في أمور ثانوية تافهة، مثل قيادة المرأة للسيارة أو سفرها دون محرم أو سكنها في فندق دون رخصة من أب أو أخ أو زوج. وسأقول لكم صادقاً: كأنها أيقظتني من سبات نوم عميق. المرأة تحتاج الحياة ولا شيء في الحياة أثمن من أن تقضيها في تأدية الوظيفة. إن لم يكن للإنسان مهما كان جنسه وظيفة ليؤديها فلا فرق بين غرفة النوم والقبر.
انتهيت من الحديث مع هذه السيدة الفاضلة ثم عدت فوراً إلى المعلومة الصادمة القديمة جداً، والتي قالها لي أحد جيراني قبل بضع سنوات من أن في شارعينا المتقابلين 13 فتاة جامعية بلا وظيفة أو عمل، وهذا رقم مخيف في مجرد شارعين فكيف بك مع آلاف الشوارع. هذا عذاب أسري يومي لن يدركه إلا البيت الذي تنام به فتاة تدخل عامها الخامس أو السادس بعد الجامعة دون بارقة أمل، وللأسف الشديد قد يكون هذا شعور نصف الأسر السعودية. أختم أخيراً بالأمل أن تكون المرأة صلب رؤية هذا الوطن الغالي بعد هذا الإهمال الطويل مع مجتمع ذكوري.
المصدر: الوطن