رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
هي ليست مجالات للتنافس والفوز، وليست مكاناً لجمع الألقاب والمكافآت فقط، بل هي أكبر من ذلك بكثير، هي ليست حلبات مجردة لسباقات الخيل والهجن، بل هي تجمعات ثقافية وحضارية وفكرية بين مختلف شعوب العالم، جاءوا من أقطار مختلفة يجمعهم الحب والمودة، في وقت أشد ما يحتاج فيه العالم إليهما.
إنها الإمارات، كعادتها دائماً، تنشر الحب والسلام، وتتخذ من التسامح نهجاً لا حياد عنه، هي محط أنظار العالم، وقبلة ملايين البشر من القارات كافة، تحترم الإنسان لإنسانيته، بعيداً عن أي اعتبار من اعتبارات الفُرقة والاختلاف والتناحر، هُنا مكان لكل إنسان يحترم الآخر أولاً، ويخضع للقوانين فلا يتجاوزها حتى لا يكون عرضة لمواجهتها.
في «المرموم»، وحيث مهرجان سباقات الهجن، كانت السمة العامة هي تأكيد عمق ومتانة العلاقة الأخوية بين شعوب دول مجلس التعاون الخليجي، فكان التلاحم والتعاضد والتقارب بين الإماراتيين والقطريين والسعوديين والعُمانيين، تجمعوا على الخير والمحبة، وقضوا أوقاتاً جميلة في رحاب التراث وعبق التاريخ، يحيون واحدة من الرياضات القديمة التي توارثها الأبناء عن الآباء، جيلاً بعد جيل في هذه المنطقة.
وفي «ند الشبا» كان الوضع مشابهاً، لكنه على نطاق عالمي واسع، حيث تجمع أكثر من 100 خيل جاءت هي ومالكوها، ومحبو رياضة وعالم الخيل والفروسية، من مختلف أنحاء العالم، وتجمع عشرات الآلاف من البشر، ينقصون قليلاً عن الـ100 ألف، تهافتوا على تحفة ميادين سباقات الخيل في العالم «ميدان»، في جو تسامح ومحبة لا مثيل له، جمّعتهم دبي، ونثرت فيهم من إيجابيتها وطموحها وموقعها العالمي، كنقطة ضوء مشعّة وسط منطقة يحف مستقبلها الظلام!
عشرات الآلاف جاءوا إلى الإمارات من أجل كأس دبي العالمي، وملايين البشر تابعوه عبر وسائل الإعلام، جميع هؤلاء تعرفوا إلى الإمارات عن قرب، وترسخت في أذهانهم معلومات ولو بسيطة عن ثقافتنا، وحضارتنا، ومعالم بلادنا التاريخية والحديثة، ولاشك في أن أعداداً كبيرة منهم سيعودون محملين، أو سينقلون عبر متابعتهم عن بُعد، رسائل سلام ومحبة من الإمارات وشعبها إلى أنحاء العالم كافة، سيلمسون ويدركون أننا شعب نحب العالم، ونحترم الآخر، لذا فنحن نستحق محبة العالم، ونستحق الاحترام والتقدير أينما كانت وجهتنا.
علاوة على ذلك، فهناك جانب آخر، جانب كشف عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حيث قال: «كحدث رياضي، تطور كأس دبي العالمي على مر السنين حتى ارتقى إلى المكانة التي يحتلها في هذا اليوم المميز، وتبقى جذوره متأصلة في أعماق رسالته المتمثلة في استقطاب صفوة النجوم الأبطال، للتنافس بروح رياضية يعمّها الود والإخاء والصداقة».
وأضاف سموه: «لقد انطلق كأس دبي العالمي ليكون مسرحاً عالمياً لسباق الخيل، وكيوم من أيام السباقات، حقق الحدث غرضه الأساسي على أكمل وجه، بل فاق التوقعات، فقد تم توسيع قاعدة السباقات المصاحبة لتشمل المزيد، بحيث صارت هدفاً مرموقاً لشريحة واسعة من أقوى الخيول المُنافسة في سباقات المضمار»، وبذلك يؤكد سموه مقولته التاريخية: «السباق نحو التميز ليس له خط للنهاية»، ومن أجل ذلك سيواصل كأس دبي العالمي تطوره وتجدده في المستقبل، بعد أن أصبح فعلياً إحدى أكبر الفعاليات الرياضية والاجتماعية، وحتى الاقتصادية في أجندة دبي!
المصدر: الإمارات اليوم