للمرة الثانية في أقل من عام رفع مصرف الإمارات المركزي أمس سعر الفائدة على شهادات الإيداع التي يصدرها للبنوك في الدولة، تماشياً مع ارتفاع أسعار الفائدة على الدولار إثر قرار مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي برفع سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بـ 25 نقطة أساس أول من أمس.
وأوضح المصرف المركزي أمس أن شهادات الإيداع التي يصدرها المصرف المركزي للبنوك في الدولة تمثل أداة السياسة النقدية التي يتم من خلالها نقل آثار تغيير أسعار الفائدة إلى النظام المصرفي في الدولة.
وتمثل شهادات الإيداع التي يصدرها المصرف المركزي للبنوك العاملة في الدولة أداة السياسة النقدية التي يتم من خلالها نقل آثار تغيير أسعار الفائدة إلى النظام المصرفي في الدولة.
وكان «المصرف المركزي» قد رفع سعر الفائدة على شهادات الإيداع في السابع عشر من شهر ديسمبر الماضي للمرة الأولى منذ أكثر من 9 سنوات ليواكب ارتفاع أسعار الفائدة على الدولار الأميركي في حينها إثر قرار مجلس الاحتياطي الفدرالي برفع سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بـ 25 نقطة أساس.
وكشفت مصادر مصرفية رفيعة المستوى في تصريحات لـ «البيان الاقتصادي» عن أنه بموجب هذه الخطوة التي اتخذها المصرف المركزي أمس ارتفعت أسعار شهادات الإيداع للآجال المختلفة بنسب متفاوتة .
حيث قدر الارتفاع بالنسبة لأجل أسبوع من 0.25% إلى 0.45 % تقريباً ولأجل شهر من 0.30 % إلى حوالي 0.51 % ولأجل شهرين من 0.32 % إلى حوالي 0.54 % ولأجل 3 شهور من 0.43 % إلى 0.73 % تقريباً ولأجل 6 شهور من 0.62 % إلى نحو 0.98 % ولأجل 9 شهور من 0.72 % إلى حوالي 1.1 % ولأجل سنة من 0.81 % إلى 1.21 %.
نقطة تعادل
وتوقع خبراء مصرفيون أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من الارتفاع في مستويات أسعار الفائدة على الدولار وبالتالي على الدرهم معربين عن اعتقادهم بأن السلطات الأميركية المختصة تهدف للوصول بأسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى نقطة تعادل وهو المستوى الذي لا تعوق الفائدة عنده النمو ولا تثير التضخم للحفاظ على النمو الاقتصادي ورغم انه من غير الواضح أين تقع تحديداً هذه النقطة لكن من المؤكد أنها ستكون أعلى بكثير من المستوى الحالي حتى بعد الرفع.
وأشار الخبراء إلى أنه رغم رفع سعر الفائدة إلا أنها لازالت تدور حول مستويات معقولة ولن تؤثر على عملية الإقراض الاستثماري لأنها لازالت في حدود متدنية مؤكدين أنها لن تؤثر سلباً على البنوك لأن الجزء الأكبر من الزيادة في تكلفة الحصول على الأموال التي تتحملها البنوك يتم تعويضه إلى حد كبير بالزيادة في سعر الإقراض وإن كان هذا التعادل يستغرق بعض الوقت تتحمل فيه البنوك الفرق الناتج عن زيادة سعر الفائدة.
كلفة الاقتراض
وقال صالح عمر عبد الله مدير معهد الإمارات للدراسات المصرفية والمالية في أبوظبي ان التأثير المباشر لسعر الفائدة هو كلفة اقتراض النقد من الاحتياطي الفيدرالي الذي كان قبل الأزمة المالية العالمية في 2008 مقصوراً على البنوك الأميركية لكنه توسع ليشمل «تبادل نقد» مع بنوك مركزية كبرى في أوروبا وغيرها موضحاً أن تأثير رفع سعر الفائدة الأكبر سيكون على سعر صرف الدولار الذي شهد ارتفاعاً ملحوظاً اثر على تكاليف المعيشة في العديد من دول العالم.
وأوضح أنه في ظل ارتباط الدرهم بالدولار ونظرا لبيع النفط بالدولار فإنه عند رفع سعر الفائدة على الدولار يرتفع سعر الفائدة على الدرهم بشكل تلقائي فهناك ارتباط قوي بين التحرك في أسعار الفائدة على الودائع وأداء أسواق الأسهم والعقارات وغيرها من القطاعات الاقتصادية .
فإذا كان العائد في البنوك اقل من العقارات وغيره تكون هذه القطاعات الأخرى غير المصرفية أكثر جاذبية استثمارية مشيراً إلى أن رفع سعر الفائدة بشكل كبير لا يفيد البنوك بدرجة كبيرة لأن تكلفة الفوائد على الأموال تكون في هذه الحالة عالية على البنوك.
تضخم تدريجي
وذكر صالح عمر عبد الله أن الجهات المختصة في الولايات المتحدة تلجأ إلى رفع سعر الفائدة على الودائع بالدولار حتى تقلل من معدلات الاقتراض من البنوك لأنه عند انخفاض أسعار الفائدة فإن الشركات تقترض بمعدلات كبيرة وتزيد مشروعاتها واستثماراتها وبالتالي تحدث زيادة في الطلب على الطاقة وغير ذلك من مستلزمات الإنتاج وتدريجياً تزداد معدلات التضخم.
وأعرب عن اعتقاده بأنه لا يوجد أي آثار سلبية لارتفاع أسعار الفائدة على معدلات الإقراض للأشخاص حيث تظهر احصاءات مصرف الإمارات المركزي أن القروض الشخصية بشقيها التجاري والاستهلاكي شهدت على مدى العامين الماضيين والفترة المنقضية من العام الحالي ارتفاعات كبيرة وبمعدلات قياسية رغم الارتفاع النسبي في اسعار الفائدة محلياً والتي شملت ارتفاع الفائدة على قروض السيارات وقروض الإسكان والقروض العقارية بنسب متفاوتة من قطاع لقطاع وبمعدلات متفاوتة.
وحول ما إذا كانت هناك احتمالات لحدوث تأثيرات كبيرة على القطاعات الاستثمارية غير المصرفية نتيجة رفع سعر الفائدة وتحويل الاستثمارات في قطاعات أخرى إلى الودائع المصرفية الدولارية قال أمجد نصر الخبير بالصيرفة الإسلامية الخبراء ان هذا أمر غير متوقع على المديين القصير والمتوسط نظراً لأن سعر الفائدة على الودائع المصرفية ما زال متدنياً بالمقارنة بأنه تجاوز في فترة من الفترات منذ عدة سنوات 6 في المئة قبل أن يعود ويتدهور بشكل متتالٍ ووصل إلى أدنى مستويات منذ حوالي 40 سنة مما جعل العديد من المستثمرين خصوصاً من الأفراد يتحوّلون من الودائع المصرفية إلى الاستثمار في قطاعات أخرى مثل القطاعات العقارية أو قطاعات الأسهم أو غيرها.
قوة الدولار
من جانبه قال إياد البريقي مدير عام العمليات بشركة الأنصاري للخدمات المالية ان رفع سعر الفائدة الأميركية سيزيد من قوة الدولار الأميركي مما سيكون له فوائد على الاقتصاد الإماراتي بارتفاع قيمة الأصول الخارجية المقومة بالدولار للشركات والهيئات .
بالإضافة إلى ارتفاع الدرهم المرتبط بالدولار أما بالنسبة لاحتمال وجود تأثيرات سلبية فإن ذلك مستبعد نظرا أن نسبة الزيادة في الفائدة الأميركية محدودة وقد تظهر بعض التأثيرات المباشرة وغير المباشرة مستقبلاً إذا قام بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة 3 أو أربع مرات خلال عام 2017 كما ذكر.
وأضاف إياد البريقي أن رفع الفائدة بشكل عام يعد من العوامل الصحية المفيدة لأنه يحد من الإقراض الاستهلاكي غير المدروس كما أنه يخفض مستويات التضخم بشكل تدريجي ويجنب أسواق الأسهم المضاربات القوية التي تؤدي إلي تذبذب الأسواق عند اعتماد النسبة الأكبر من سيولة التداول على القروض المصرفية.
فإذا كانت السيولة بأسواق الأسهم يمكن أن تنخفض نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة على الودائع والقروض فإن ذلك سيجعل التداولات أكثر تعبيراً عن الواقع مع ارتفاع نسبة المتداولين الراغبين في استثمارات متوسطة وطويلة الأمد على أسس سوقية سليمة مع تقليص نسب الأموال الساخنة التي تدخل سريعاً وتخرج سريعاً أيضاً من الأسواق مخلفة آثاراً سلبية.
المصدر: البيان