كاتب إماراتي
هم عصابة تعمل ربما فرادى أو جماعات، لا تعرف ماذا يجنون من تلك المهنة أو بماذا تدر عليهم؛ لأنها تتطلب وقتاً منهم، وإبداعاً أحياناً، صحيح الكثير من أعمالهم يعتمد على الذكاء الصناعي وما توفره وسائط التواصل من سهولة وسرعة وانتشار، لكن أحياناً أشك في أنهم يعملون بالقطعة لمن يطلب، وأحياناً أقول: إن ما يقدمون عليه هو من باب الهواية والتسلية، واكتساب العديد من المتابعين، من خلال ما يعتقدون أنه صناعة للمحتوى، لكن هذا المحتوى يتراوح بين المهنية العالية وبين رداءة الصنع، فيكسبون الإنسان العادي والإنسان الواعي بحجر واحد.
هم وراء الترجمة المعلبة والكاذبة بوساطة الذكاء الصناعي في تقليد الأصوات لبعض الشخصيات المشهورة، وخاصة الفنية، وبالأخص النسائية، وخلق قصص من ألف ليلة وليلة، مليئة بالإثارة والصور والمتخيلات، حتى لتكاد أن تصدق ما ترى وتسمع، ونجمات الفن والرياضة والأزياء، وحتى السياسة المشهورات، هن ضحايا الملفقين الرقميين، وما يصنعون من محتوى كاذب عنهن، غير أنهن لا يستطعن الشكوى ورفع القضايا والملاحقة القانونية في فضاء مفتوح، ولا تقف خلفه منصات مرخصة، ولا مرجعيات لها صفة الأهلية أو حتى مسمى معتمد.
يمكن للملفقين الرقميين خلق حوار متخيل وكاذب بين الرئيس الأميركي، ورئيس أي دولة لا يحبونها، وخارج محدودية الوصول لها عملياً، لكنهم قادرون على تلفيق حوارات رقمية، وصنع هزائم متخيلة، وإظهارها خانعة أو متآمرة أو أي تهمة لا ترتضيها دولة على نفسها، كل ذلك من أجل إرسال رسالة تخدم أجندة معينة، وتسبب بلبلة لنظام تلك الدولة. الملفقون الرقميون فيهم الدنيء والوضيع الذي لا يتورع عن صنع الأكاذيب بشأن أناس بسطاء، وحول أشخاص بريئين من أجل ابتزازهم من خلال محتواه التلفيقي، واحتياله وكذبه الرقمي، والضحايا عادة طالبات وزوجات وزميلات عمل، وقد يكون الأمر معكوساً أيضاً ويكون الضحايا طالباً أو زوجاً أو زميل عمل.
لذا على الإنسان أن لا يصدق كل ما يراه ويسمعه من خلال وسائط الاتصال والتواصل، فكل الأشياء فيها مركّبة ومفبركة وملفقة بفعل أصابع شيطانية، لا يخصها بالشيطان إلا أنها من نوع أفعاله. ومن أفعال الملفقين الرقميين أنهم مؤلفو قصص جرائم اجتماعية وهمية، بحيث تتشابك الجريمة بالخيانة بتجارة الممنوعات بالكسب غير المشروع، بالنسيج العائلي الواهن، ولا مسلسل مكسيكي أو تركي، حتى تعتقد أنت الإنسان البسيط أن الدنيا في نهايتها وأن القيامة قريبة، وأن الإنسانية دفنت في هذا العصر، فيستغل الملفقون الرقميون ذلك الحس والضعف الإنساني، ليمرروا رسالة بدفع مبلغ لأسرة منكوبة أو مريض بالسرطان أو بناء مستشفى في قرية، بعدها يمكنك أن تتابع القصة التي تشبه فيلماً هندياً فاشلاً، وخالياً من الأغاني!
المصدر: الاتحاد