عبد الله الشمري كاتب و باحث سعودي متخصص في الشؤون التركية
بعد أن ذهب الكثير من المحللين السياسيين على المستوى الدولى والإقليمي وراء خيالاتهم في محاولة تفسير سبب عدم مشاركة الملك سلمان في قمة كامب ديفيد الخليجية – الأمريكية في مايو الماضي، جاء تأكيد البيت الأبيض يوم الخميس الماضي بأن خادم الحرمين الشريفين سيلتقي بالرئيس الأمريكي باراك أوباما في الرابع من سبتمبر في البيت الأبيض، وأنهما سيناقشان الأوضاع في سوريا وفي اليمن وخطوات التصدي للأنشطة الإيرانية في المنطقة والرامية إلى زعزعة استقرارها، جاء ليؤكد أن مسار العلاقات الثنائية يسير وفق مصالح البلدين بغض النظر عن الاختلافات المصلحية.
أهمية الزيارة الملكية لا تكمن فقط بسبب حجم الضيف الاستثنائي وإنما أيضا بحكم التوقيت الحالي والتطورات التي تشهدها الساحة السورية واليمنية والملف النووي الإيراني، وضبابية موقف الإدارة الأمريكية وعدم أخذها في الاعتبار مصادر القلق الخليجية واعتبارات الأمن الخليجي، وهو ما يجعل التحدي أمام الرياض وحلفائها الخليجيين في واشنطن هو القدرة على طرح الحجج والأدلة لإثبات عدم صوابية ما ذهب اليه الرئيس الأمريكي ومستشاروه فيما يخص العلاقة مع إيران، وكذلك قدرة دول الخليج على إيجاد حلفاء وأصدقاء جدد وفق مبدأ «المصالح الوطنية أولاً».
فيما يخص جديد العلاقات السعودية-الإمريكية.. فيتفق الكثير من خبراء العلاقات الثنائية على أن زيارة العمل لولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى “سان بطرسبورغ” في الثامن عشر من يونيو الماضي ولقائه المطول بالرئيس بوتين ثم وزير الدفاع ورئيس مجلس الدوما، ونجاحه في فتح صفحة جديدة مع موسكو وظهور مجموعة من المصالح السعودية والمصالح الروسية والتي قد تدفع في اتجاه إقامة جسر تواصل سياسي وعسكري ونووي بين البلدين، بحيث تستطيع المملكة من خلاله رفع قدراتها العسكرية واستمالة موازين القوة في المنطقة لصالحها ولصالح حلفائها، وهذا ما رفع سقف القلق الأمريكي بصورة غير مسبوقة وخاصة بعد إعلان الحكومة الروسية بأن الملك سلمان سيزور موسكو قبل نهاية العام 2015م.
واشنطن والتى راقبت نتائج زيارة الأمير محمد بن سلمان بقلق تعى جيداً أن أي تطور كبير للعلاقات الروسية – السعودية لن يكون في مصلحة السياسة الأمريكية، سواء كانت في جانبها الإقليمي أو العالمي المتنوع (كمسألة أسعار الطاقة ونفوذ روسيا الأقليمي)، كما يُعتبر ذلك محل فشل جديد وموضع نقد للسياسة الأمريكية في الداخل والخارج بأنها تفقد أهم واقدم حلفائها يوماً بعد يوم وأنها ليست حليفا موثوقا، ومن المؤكد أن واشنطن لا ترى مصلحة لها في أي صفقات سعودية روسية لما ينتج عنها من آثار سياسية واقتصادية سلبية على المصالح الإمريكية.
الإدارة الأمريكية والتى تعرف عن قرب الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن نايف ما زالت حريصة على معرفة المزيد عن شخصية الأمير محمد بن سلمان باعتباره أقرب مبعوث ومسؤول سياسي إلى الملك سلمان، وهو الآن تحت الأنظار الأمريكية سواء الرسمية أو النخبوية وخاصة من العاملين في مراكز الدراسات والأبحاث المختصة بالشرق الأوسط، والذين يشعرون بفضول تجاه الدور الشخصي للأمير الشاب والذي أكمل بالأمس الثلاثين من عمره، في التحول الجديد والصقوري للسياسة الخارجية السعودية سواء فيما يتعلق بعاصفة الحزم في اليمن واللهجة الحادة ضد إيران أو توثيق العلاقات مع موسكو، وهذا ما يتطلب وجود فريق سياسي وإعلامي محترف يستطيع التعامل بمهنية ليتمكن من إشباع النهم الأمريكي ويوظفه لخدمة التوجة السياسي الجديد والمستقبلي.
المصدر: اليوم