في المدرسة تصقل اللغة العربية، بأصولها وجذورها، وبقواعدها واشتراطاتها، وبنحوها وصرفها.
هناك يتعلم الطفل لغة القراءة والكتابة، ومنها يلج إلى عالم الثقافة والفكر، هناك شيء مختلف، فالبيت وضع الأساس، والمدرسة تفتح الآفاق، وتنقل الأبناء من العامية إلى الفصحى بسلاسة، حيث إن الركيزة الأساسية متوافرة، وعندما كان تعليمنا واضح المعالم، وكانت اللغة العربية في مقدمة المتطلبات، عندما كان كل ذلك موجوداً، امتلأت ساحتنا الأدبية والفكرية والعلمية برواد قادوا البدايات وتميزوا.
خرجت المدارس، ومن بعدها الجامعات، من لا يحتاجون إلى كلمات أجنبية حتى يوصلوا أفكارهم، لأنهم متمكنون من لغتهم، ويعرفون أنها ثرية بالمعاني والمرادفات، بخلاف ما يحدث الآن من استعارة للوصف والتعبير من لغات أخرى، وهذا ناتج عن العبث الذي مرت به مناهج لغتنا في المدارس، والذي بدأ بفئة تلتها فئات حاولت فرض رؤيتها وقناعاتها، رغم أن بعضها كانت نواياها حسنة، ولكنهم خرجوا عن المسار الصحيح، ثم تدخلت «الاستشارات» الأجنبية فزادت الطين بلة!
وقد وصلنا إلى مرحلة جدل دائم حول تدريس لغتنا في مدارسنا، من حيث المحتوى والحصص المعتمدة، فنحن لا نزال نجرب، حسب ما سمعنا من ردود مسؤولة، وهذا لا يجوز، بعد كل ما حققناه في كل المجالات من تقدم وتطور واستقرار، لا يجوز أن تكون اللغة العربية في مختبرات التجارب، بعيداً عن أهل الاختصاص، وبالتأكيد أقصد «أهل اللغة»، أولئك الذين أفنوا حياتهم في خدمتها، وهم كثر، ويملكون من الخبرة ما يجعلهم قادرين على إيجاد حل لمعضلة ناتجة عن تقصير في تحديد هوية من لديهم الحل، بعيداً عن استشارات الذين لا يقدرون قيمة هذه اللغة.
إصلاح الأساس سينعكس على المراحل التالية، والمناهج الدراسية هي بداية ذلك الأساس بعد البيت، والمناهج ليست عصية إذا تضافرت الجهود.
المصدر: البيان