المنتدى العربي لحقوق الإنسان : تصدير إيران لأيديولوجيتها يوتّر المنطقة

أخبار

أكد المنتدى العربي الأول لحقوق الإنسان الذي اختتم أعماله، أول أمس السبت، في البحرين، أن تدخّل الحكومة الإيرانية في شؤون المنطقة، يتنافى مع مبادئ العلاقات الدولية في حسن الجوار والتعايش السلمي بين الشعوب، وأن ما يقدم عليه النظام الإيراني من تصدير لتوجهاته وأيديولوجياته الطائفية، هو مساس بحق الشعوب الثابت في اختيار توجهاتها، ويؤدي ذلك إلى توتير الأوضاع عسكرياً وأمنياً، وتالياً تعريض حياة العربي للخطر. 

وأوضح أن العربي بطبيعته، لا يمكنه أن يتمتع بحقوقه وحرياته الأساسية إلا في ظل حياة يسودها الأمن والأمان والاستقرار، لافتاً المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية إلى الاضطلاع بمسؤولياتها تجاه ما يهدد العربي من مخاطر تآمرية، وتقويض حقوقه وحرياته الأساسية المكفولة وفقاً للمواثيق الدولية.

ودعا المنتدى مفوضية الأمم المتحدة العليا لحقوق الإنسان، وغيرها من الآليات الدولية، إلى تقصي الحقائق واستقاء المعلومات من مصادرها، تجنباً للتأويلات والتخمينات غير الحقيقية.

وفي كلمته أمام المؤتمر الذي عقد تحت رعاية أحمد بن إبراهيم الملا، رئيس مجلس النواب البحريني، قال الدكتور أحمد بن ثاني الهاملي، رئيس الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان: «إن من أهم ما يشكل تهديداً للأمن الإنساني العربي، وحقوقه المدنية والسياسية في العيش بأمن وسلام، هو التدخل الإيراني في شؤون المنطقة العربية، وفرضها سياسة الفصل الطائفي التي لا تختلف عن سياسات الفصل العنصري التي حرمتها الاتفاقات والأعراف الدولية. لأن المتتبع للسياسة الإيرانية يمكن أن يلاحظ، ومن دون عناء، أنها تجسد مفهوم «إرهاب الدولة»، معتمدة على مبدأ تصدير الثورة الذي أقره دستورها، بهدف نشر أيديولوجيتها المذهبية – السياسية في بقية الأقطار والدول العربية المجاورة، من خلال سعيها الحثيث لإنتاج حالة غير مستقرة من الاضطراب والفوضى تقود إلى تغيير ثوابت الشرعية الدستورية للأنظمة السياسية العربية، لإطاحتها وإحلال أنظمة أخرى بديلة موالية لها». 

وأضاف «إن السياسة المنهجية التي تتبعها إيران، والقائمة على مبدأ التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، بقدر ما تثيره من فتن وصراعات طائفية داخلية، وأحقاد مذهبية تدمّر البنى المؤسسية للدولة وتمزّق وحدتها الوطنية ونسيجها الاجتماعي، فإنها تُعّد خرقاً واضحاً وفاضحاً لحقوق الإنسان في العيش الكريم وتصادر حرياته الأساسية واختياراته الإنسانية. إذ لا يمكن توصيف مبدأ تصدير الثورة إلى الآخرين بأقل من التدخل في الحق الثابت لمبدأ حرية الشعوب باختيار النظام السياسي الذي تريد». 

وذكر الهاملي، أنه ليس من المنصف اعتبار السياسة التي تنتهجها ميليشيات إيران بتغيير الواقع الجغرافي والديموغرافي، وإقصاء السكان وإبعادهم عن ديارهم ومناطق سكناهم، وإحلال فئات اجتماعية ومن طائفة معينة بدلاً منهم، على أنها سياسة عفوية لا تقوم على التفرقة المذهبية. وليس من باب الحق والعدل، السكوت عن ممارسة سياسة القتل الجماعي والاغتيالات والتعذيب والزج في السجون على الهوية والانتماء الطائفي، من دون إبداء إدانة صريحة من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.

وأوضح أن المنتدى لا يتوخى تحقيق أهداف سياسية، كما لا يهدف إلى التخندق والتمترس خلف مواقف يراد بها تأمين الحشد السياسي، والتثوير الانفعالي العاطفي واللاعقلاني، إنما غايته توضيح الحقائق والكشف عن السياسات التي يقوم بها النظام الإيراني لمصادرة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وتشويه انتمائه الوطني وتغييب القواعد والقيم الأخلاقية في التعامل مع دول المنطقة وشعوبها. 

وقال الدكتور الهاملي «ندعو إيران، إذا كانت تريد السلام والاستقرار لهذه المنطقة كما تدعي، أن تراعي مبادئ حسن الجوار واحترام حقوق الآخرين لضمان أمنهم الإنساني في خياراتهم واختياراتهم، وأن تنأى بنفسها بعيداً عن سياسة التدخل في شؤون الآخرين، التي لا تحصد من ورائها سوى الأحقاد والنزاعات والصراعات، وأن تختط لنفسها طريقاً يتيح لها فرصاً وآفاقاً رحبة في البناء والتقدم والازدهار». 

وأشار إلى أن المنتدى العربي الأول لحقوق الإنسان، سعى إلى مناقشة واقع التدخلات الإيرانية في الوطن العربي، وصورها وتأثيراتها الحالية والمستقبلية في حالة الأمن والسلام في المنطقة، وعمل على وضع تصور لاستراتيجية وطنية وقومية، وتشكيل لجنة خبراء لمتابعة تطوير وتنفيذ تلك الاستراتيجية، لتكون انطلاقاً لعمل عربي شامل ومشترك لمواجهة تلك التدخلات على مختلف الصعد، ومن أجل إفشال حراك إيران الأممي والدولي عبر فضح نياتها التوسعية وممارساتها غير الإنسانية بحق شعبها والشعوب المجاورة لها، بالشراكة مع مختلف الأطراف العربية الفاعلية من الأجهزة الرسمية وممثلي المجتمع المدني والمراكز الفكرية والحوارية.

وكان المنتدى، أطلق ضمن فعالياته، المبادرة العربية لتعزيز الحقوق والأمن الإنساني العربي، لوقف التدخلات الإيرانية في الوطن العربي، حراكاً للمجتمع المدني العربي، يهدف إلى العمل على وقف التدخلات الإيرانية في الوطن العربي القائمة على المنهج الثوري الذي تقوم عليه عقيدة النظام الإيراني، وممارساته المتطرفة، وتستهدف المبادرة بشكل رئيسي حالة حقوق الإنسان في الوطن العربي، وما يستلزمها من أمن واستقرار بالدول العربية، والعمل على معالجة النزعات الطائفية والقضاء على بؤر التوتر والصراعات التي تستهدف التعايش السلمي والأمن الوطني والإنساني العربي.

كما تهدف المبادرة إلى خلق حاضنة وطنية عربية غير حكومية، تسهم في تعزيز الأمن الوطني والتعايش السلمي بين مختلف الشعوب العربية، وتكون دعامة صد ضد توجهات إيران التوسعية وتمنع تدخلاتها في شؤون الشعب العربي على كل المستويات.

كما شهد المنتدى مشاركة واسعة من أعضاء مجلس النواب ومجلس الشورى والمجالس التشريعية الخليجية، والأجهزة المعنية بالدول العربية، والهيئات المعنية بحقوق الإنسان والتنمية، والمؤسسات والمجالس واللجان والهيئات الوطنية العربية لحقوق الإنسان، والمنظمات العربية والدولية العاملة بمجال حقوق الإنسان، ومراكز البحوث والدراسات والأكاديميين والطلبة والباحثين في مجال حقوق الإنسان، وصاحبه الكثير من الاهتمام والتغطية الإعلامية، كما تابعته وسائل إعلام النظام الإيراني وحلفائه في المنطقة وهاجمته بشدة وطالبت بمقاطعته.

المصدر: الخليج