كاتب كويتي
النساء يشكلن حالياً أكثر من نصف طلاب الجامعات في العالم، والنساء الثريات ضعف الرجال في الميل إلى التبرع ودعم الأعمال الخيرية خليل علي حيدر تشير كتب تاريخ الفن عادة إلى الرسوم على جدران الكهوف من العصر الحجري القديم في دول عدة، بينها فرنسا وإسبانيا، باعتبارها أولى إبداعات الإنسان الفنية، كما افترض الكثيرون أن من رسمها كان بعض الرجال الموهوبين، وقيل الكثير في تفسيره وأسباب رسمها على هذه الجدران في تلك العصور السحيقة، غير أن البحوث التاريخية أثبتت اليوم فيما يبدو، أن المرأة كانت مظلومة في هذا المجال. ذلك أن موقع «ناشونال جيوجرافيك» أورد مؤخراً كما جاء في الصحف، أن عالم الآثار في جامعة بنسلفانيا «دين سنو»، قد درس بصمات الأيدي على هذه الجدران لمدة عشر سنوات، ولاحظ أن آثار اليدين قرب رسوم الحيوانات وغيرها من الأشياء في هذه «الجداريات»، تتطابق مع وصف يدي المرأة، كما وُجدت آثار لليدين في كهوف عدة، حيث كان الرسام يضع يده على الجدار وينفخ الطلاء فوقها. وقال «سنو» إن أبحاثه «تشير إلى أن 75 في المئة من عينات رسوم الأيدي كانت لنساء، ما يتناقض مع الاعتقاد السائد بأن رجال الكهف هم من وضعوا تلك الرسوم، لأن معظمها كانت لحيوانات يتم اصطيادها، وهو نشاط كان من اختصاص الرجل في المجتمعات القائمة على الصيد». والأرجح في اعتقادي كذلك، أن نساء الكهوف هن اللواتي كن يقمن بتقطيع لحوم تلك الحيوانات. وإعداد طعام العشاء! أشارت الصحف هذا العام كذلك أن الرجال في دراسة حديثة، أكثر من يغش في مجال البحوث العلمية مقارنة بالنساء. وتعم المجتمعات الغنية في الغرب، تقول الصحافية الأميركية «ليزاموندي»، ظاهرة زواج نساء مستوى تعليمهن يفوق مستوى تعليم الزوج أو القرين.«ففي الولايات المتحدة تبلغ هذه الزيجات 28 في المئة، نظير 19 في المئة للزيجات التي يفوق فيها مستوى تعليم الرجل مستوى تعليم النساء، بموجب إحصاء 2007. ويحاول الرجال في اليابان وكوريا الجنوبية، التملص من هذا التفاوت، ويشترطون على وكالات التزويج اختيار زوجات لا يتفوقن عليهم. وتبحث الوكالات عن الزوجات المرغوبات في بلدان آسيوية فقيرة». وتقول الصحافية الأميركية «موندي» نفسها، إن العقد بين الرجل والمرأة على وشك الانهيار: «فاليوم 58 في المئة من الحائزين على شهادة جامعية في نهاية المرحلة الأولي هن من الجامعيات، وهن يبلغن نصف المتدربين في مكاتب المحاماة و56 في المئة من طلاب الطب، وكن 25 في المئة من هؤلاء في ستينات القرن الماضي. وكانت الأميرة ديانا أقل تعليماً من زوجها الأمير تشارلز، وأما دوقة كامبردج «كايت ميدلتون»، فقد تكون أول ملكة جامعية في تاريخ العرش البريطاني». وتشير الأرقام المتداولة إلى أن النساء يشكلن نسبة متنامية من أثرياء العالم، سواء كان مصدر ثروتها عملها أو ميراث أو من الطلاق. وتقول «رزان عدنان» في تقرير صحافي: «عندما أطلقت مجلة فوربس الأميركية قائمة أثرياء العالم لسنة 2012، بلغ عدد الثريات في العالم 21 امرأة، يساوي مجموع صافي ثرواتهن 248,6 مليار دولار. ولا تُعد ثروة النساء المتزايدة ظاهرة غربية بحتة، إذ وفقاً لما تقوله نشرة بلومبيرج، فإن ثلث أثرياء الصين من النساء، كما تضم 11 امرأة في قائمة أغنى 20 امرأة في العالم صنعت ثروتها بنفسها. ووفقاً لمركز جامعة بوسطن عن الثروات والأعمال الخيرية، فإن النساء سيرثن 70 في المائة من انتقال الثروات عبر الأجيال التي تبلغ 41 تريليون دولار، والمتوقع في الأعوام الأربعين المقبلة. غير أن الطريق طويل جداً قبل أن تحقق النساء المساواة بالكامل مع الرجل. إذ يحسب بيانات صادرة عن البنك الدولي في تقرير التنمية العالمية لعام 2012، وجد أن النساء يمثلن 40 في المائة من القوة العاملة على مستوى الدول، ولكنهن يستحوذن على واحد في المائة من ثروات العالم. وقال البنك الدولي «إن النساء يشكلن حالياً أكثر من نصف طلاب الجامعات في العالم».وتظهر الإحصائيات في التقرير نفسه أن النساء الثريات ضعف الرجال في الميل إلى التبرع ودعم الأعمال الخيرية. وتقول دراسة الثروات الصادرة عن مؤسسة باركليز عام 2009، إن النساء في الولايات المتحدة يتبرعن كمعدل وسطي بنسبة 3,5 في المائة من ثرواتهن إلى الجمعيات الخيرية، بينما يتبرع الرجال بنحو 1,8 في المئة». وجاء في تقرير آخر عن مؤتمر يسلط الضوء على الفرص والتحديات التي تواجه النساء، أن هناك علاقة مباشرة بين الفجوة بين الجنسين في دولة ما، وقدرة هذه الدولة التنافسية، «لأن تنافسية الدولة تعتمد على كيفية استفادتها من النساء، اللاتي يمثلن نصف موارد الدولة».وجاء فيه كذلك أن «آيسلندا» حصلت على المركز الأول عالمياً في تضييق الفجوة بين الجنسين للعام الخامس على التوالي، رغم أن النساء فيها تتقاضى رواتب أدنى من الرجال بنسبة عشرة في المائة، وأن 21 في المائة فقط يشاركن في مجلس إدارة الشركات، وأن الثلث يواجهن العنف الدائم على أساس الجنس. وأضاف التقرير نفسه أن 68 دولة أظهرت تقدماً في تقرير الفجوة بين الجنسين على مستوى العالم.«ولسوء الحظ، فإن منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لم تحقق أي تقدم في أي من هذه المجالات ولا تزال في ذيل القائمة. إذ لا يزال الشرق الأوسط المنطقة التي تشهد أدنى تمثيل للنساء في السياسة وصنع القرار. وعلى الرغم من الدور الكبير الذي لعبته المرأة في التنمية الوطنية الحالية في «قطر»، على سبيل المثال، إلا أنها لا تزال في المرتبة 115 نظراً لعدم وجود نائبات في البرلمان أو شغلهن مناصب وزارية». وتبدي الكاتبة الاقتصادية «ذكاء الخالدي» في مقال لها، أنه بالرغم من انتهاء العقد الأول من هذا القرن، لا تزال بعض الجهات في العالم العربي، تناقش جدوى عمل المرأة! ويعتبر هؤلاء أن من الأنفع للمجتمع والأسرة أن تكتفي المرأة بإدارة البيت أو العمل في مجالات محدودة تليق بطبيعتها، كالتعليم على سبيل المثال، ورغم كل ما قيل في مؤتمر الأمم المتحدة حول المرأة في بكين سنة 1995، والدعوة إلى «تمكين المرأة ورفع أنواع التمييز ضدها»، فأن الكثير من الدول العربية إما لم يتبنّ استراتيجيات وسياسات من هذا النوع، أو تبناها ظاهرياً فقط، أي من دون تنفيذ، أو نفذها جزئياً أو بدأ تنفيذها ثم تراجع عن ذلك بسياسات معاكسة، أو تبناها في مجالات معينة كالتعليم وناقضها في مجالات أخرى، خصوصاً في العمل والسماح لها باحتلال مواقع اتخاذ القرار. وتشير الباحثة الاقتصادية إلى نداء متكرر في مجال عمل المرأة، حيث «يلاحظ بخاصة أنه كلما تفاقمت مشكلة البطالة في وقت ما، كلما تعالت الأصوات التي تعتبر أن السبب هو دخول المرأة إلى سوق العمل». ومن المؤسف، كما كتبنا مراراً، أن هذه القوى والشخصيات المعارضة لعمل المرأة يتجنبون في الوقت نفسه الخوض في تكاليف الحياة اليوم، وتزايد مصاريف السكن والغذاء والتعليم والمواصلات وغيرها، وبخاصة بالنسبة لعامة الشعب وللطبقات المتوسطة. وصار لزاماً في معظم البلدان العربية أن يعمل الزوجان بدوام كامل لتأمين مصاريف الحياة.
المصدر: صحيفة الاتحاد