مترجم بريطاني
باعتباري محباً للحيوانات، صدمت عندما قرأت في تقرير دولي أخيرا، أن هناك تقلصا منتظما في عدد النمور البرية بسبب الطلب المفعم بالطمع من آسيا وبصفة خاصة من الصين، حيث يعد الطلب على أعضاء النمور صرعة رائجة للغاية في صفوف الأثرياء الجدد.
ويقوم أثرياء الصين بتشجيع من صناعة تربية النمور في المزارع بإعادة اكتشاف مذاق مشروب عظام النمر، وكذلك السجاجيد المنسوجة من جلد النمور، والحيوانات المحنطة باعتبارها رموزا للمكانات الرفيعة في وسط نخبة مهووسة بالاستهلاك الترفي.
وهذا التيار بدوره يجعل الصيد غير المشروع للنمور الأكثر انتشارا على امتداد آسيا لأن النمور البرية لا تزال أرخص من النمور التي يتم تربيتها في الأسر، وغالبا ما يفضلها المستهلكون، وقد أزالت هذه الصناعة أي إساءة ترتبط بالمنتجات المستمدة من النمور وقوضت الجهود العالمية المبذولة لإدانة التجارة غير المشروعة المتعلقة بالنمور.
والحجة التي تطرحها جماعة الضغط المدافعة عن صناعة تربية النمور هي أن منتجات هذه الصناعة سوف تكتسح السوق، وبالتالي تخفف الضغط على النمور البرية، لكن المدافعين عن البيئة يقولون في معرض التصدي لهذه الحجة إن هذا مفهوم مثير للسخرية، وقد تحول بالفعل إلى تجربة كارثية على أرض الواقع.
ففي قرية جبلية تعتمد على الدببة والنمور في جنوب الصين، نجد في إحدى المزارع أربعة نمور تنطلق بالتتابع بمصاحبة موسيقى راقصة وصاخبة، ثم تنتصب على قوائمها الخلفية.
ويلوح رجل يرتدي قميصا أزرق بعصا معدنية في مواجهتها مهددا، فتبادر النمور الأربعة إلى رفع قوائمها الأمامية لتستجدي، وهذا «الاستعراض» يقام مرتين في ملعب كئيب سعته ألف مقعد، ولكنه كان خالياً أخيراً إلا من سائح صيني واحد وصحافيين وحارس أمن، وقد رسمت المقاعد المحطمة وبقعة ضوء العتيقة صورة كئيبة قوامها الإهمال.
وفي الخارج كانت هناك مئات من النمور تمضي مسرعة جيئة وذهابا في مناطق صغيرة تحفها الحواجز أو ترقد متوترة في أقفاص معدنية أصغر كثيرا محاطة بالكتل الإسمنتية.
ربما كانت أعداد النمور قد استقرت في السنوات الأخيرة على مستوى العالم، إلا أنها لاتزال منخفضة على نحو لا يصدق، ولا تزال النمور البرية تنفق بأعداد قياسية في الهند التي تعد موطنها الرئيس، ويتم قتل الكثير منها على يد الصيادين غير الشرعيين لتلبية الطلب المتدفق من الصين.
ويقول أنصار حماية البيئة إن العامين المقبلين يمكن أن يكونا حاسمين، فالنمور تسهل تربيتها في الأسر وقد تزايدت أعدادها مما يعد على أصابع اليد الواحدة إلى عدة مئات، ثم إلى عدة ألوف.
وهناك اليوم حوالي خمسة إلى ستة آلاف نمر في حوالي 200 مزرعة لتربيتها في الصين. ومعظم هذه النمور ولدت في الأسر والكثير منها يتم الاحتفاظ به في ظروف مفزعة، وذلك بالمقارنة بأقل من أربعة آلاف نمر لا تزال طليقة في البرية، ومن بينها النمور السيبيرية التي تعرف أيضا باسم نمور آمور في جنوبي الصين ونمور البنغال الشهيرة.
وكما سبقت الإشارة إليه، فإن أعداد النمور البرية تقدر بأقل من أربعة آلاف نمر يوجد نصفها تقريبا في الهند. ومنذ إنشاء مزارع تربية النمور، شن مسؤولو الحياة البرية الصينيون حملات للحصول على الموافقة الدولية على رفع الحظر عن استخدام عظام النمور.
واليوم نجد زجاجات من «مشروب عظام النمر المقوي» التي تحمل صورا للنمر على مقدماتها تباع علنا في كل مكان في الصين، ويبادر القائمون على المبيعات إلى إبلاغ الزوار بأن هذه المشروبات معدة من عظام نمور نفقت جراء أسباب طبيعية.
وقد قتلت عشرة نمور على الأقل أخيرا بمناسبات مختلفة، حسبما تذكر الشرطة الصينية، وعقب ذلك بيعت أجزاؤها ولحومها التي تعد وجبة أثيرة في مآدب الأثرياء الجدد في الصين.
المصدر: صحيفة البيان