الهوية والتسامح.. ضلعا التعايش

آراء

الهوية والتسامح، ضلعا مثلث التعايش، فالحياة مساحة واسعة لأحلام مسحتها التسامح، وسمتها التعايش، وسقفها هوية وطنية مبنية على أُسس قويمة، شجرتها إنسان يمد بصره للمدى ولا حدود لتطلعاته لوطن يحكمه التسامح، من أجل تعايش يجمع كل الثقافات والديانات واللغات، وما من حضارة أزهرت وازدهرت وتطورت وأنجزت مشاريعها الإنسانية، إلا وكانت تتكئ على أريكة مخملها من تعايش وتسامح، وهويتها ترتع بسندس ذلك المبدأ العظيم، وهو أننا من آدم وآدم من تراب، ولا تفرق بين البشر إلا تلك الفقاعات المتدفقة من ضمائر غيّبت الأحلام في صناديق سوداء، مغلقة، تفوح منها رائحة العنصرية والشوفينية البغيضة.

 في الإمارات ترعى الأحلام عيون لا تنام، وقلوب بسعة الأفق، وعقول كأنها المرايا تحت أشعة الشمس، ومن يتابع المشهد الأخلاقي في الإمارات، يرى هذه الفسيفساء المنمقة ببراعة قيادة آمنت بأن الحياة قماشة ملونة، نحن الذين نبرع في صناعتها، ونحن الذين نصوغ صورتها، ونحن الذين نضع على أفنانها ثمرات السعادة والانتماء إلى عالم واحد، سمته الحب والتوافق والانسجام، والذهاب إلى المستقبل بعيون ملؤها بريق الأمل، وقلوب تتشح بالحب، وعقول مفتوحة على المدى بأشرعة الوعي.

في الإمارات تلتئم الثقافات تحت سقف سماء نجومها بشر، وسحابتها تطلعات أوسع من المحيط، والمطر هو هذا المنتج القيمي، معززاً بإرادة قوية وعزيمة صلبة، ورؤى كأنها الدورة اليومية لشمس تسلط الضوء على رؤوس الساعين لإضاءة الوعي بمشاريع تخدم الإنسانية، وتقدم نماذج فريدة من التعاضد والتلاحم، من أجل غدٍ مشرق بأحلام عشاق الحياة، هؤلاء الذين يحملون على عواتقهم مسؤولية سلام العالم، وطمأنينته، وأمنه، هؤلاء هم الذين يسهرون على ترتيب مشاعر البشرية بوضع القواسم المشتركة، والأهداف الواحدة والطموحات الجديرة برفع منسوب الحضارة البشرية، والحفاظ على منجزاتها، من خطر العالقين عند غيمة الكراهية، المتعثرين في حفر الحقد، المترسبين في قاع الفنجان، الذاهبين بالعقل إلى مجاهيل العدمية، وسوءات العبثية.

نعم العالم في حرب ضد هذا البغيض، العديم، هذا العقل المأزوم بالحقد، المكلوم دوماً بسبب تلك الجائحة النفسية، وهي الكراهية. العالم يمر اليوم في مضيق أضيق من عنق الزجاجة، وعليه فإن المسؤولية عظيمة، والالتزام الأخلاقي يفرض على كل شريف في هذا العالم أن يتصدى لهذه الآفة، وأن يحكم القبضة على مسلمات العقل السليم، من أجل عالم بلا جروح، ولا قروح، عالم تسوده المحبة، والوفاء للهوية الوطنية.

فالهوية هي الرئة التي منها وبها ولها وفيها يكون الهواء نقياً، إذا تنقت من براثن الجهل، والخبث الأيديولوجي.

المصدر: صحيفة الاتحاد