كاتب سعودي معروف بالكتابة الساخرة
في معركة «اليمامة»، أهم حروب الرِّدة الحاسمة، تعرض جيش الخلافة الإسلامية لانكسارٍ شديد، فلجأ القائد العسكري الفذ/ «خالد بن الوليد» لورقةٍ شديدة الخطورة! حيث قسَّم جيشه «المسلم» تقسيماً إقليمياً وعنصرياً يخالف -نظرياً- أهم مبادئ الدين الحنيف وهو المساواة «إن أكرمكم عند الله أتقاكم»! ولكنه -عملياً- يحقق الانتصار لهذا الدين بهذا المبدإِ نفسه! كيف؟ لقد جعل لكل «قوم» رايةً يحملها أحدهم، ولا يلتفُّ تحتها غيرهم، ثم خطب في الجميع قائلاً: «الآن سنرى من أية ثغرة يؤتى الإسلام»! فاستأسد القوم؛ وعقلوا أرجلهم، وحفروا الخنادق؛ لكيلا يستجيبوا لغريزة الحياة أمام براثن الموت؛ فالموت أرحم من أن يقال: بنو «فلان» هم سبب هزيمة المسلمين!
لم يبعث «خالد» بهذا العنصرية والعصبية الجاهلية «النتنة»، بل أعاد الأمانة -وهي «المسؤولية الفردية»- إلى أهلها!
وهو عكس ما نفعله الآن، حيث شوَّهنا «القَبَلِيَّةَ» بأخلاقها النبيلة، و«سلومها» الصارمة، وانضباط أفرادها «حاضرةً» و«باديةً»، في العمل بتلك الأخلاق والسلوم، دون حسيبٍ أو رقيبٍ إلا من «نزاهة» أنفسهم!
كان أجدادنا لا ينام أحدهم وجاره بحاجة لأي «حافز»! فمن منا يفعل هذا اليوم؟
وكان الواحد منهم يمسي «أفقرهم»؛ حين تضرب جائحةٌ مفاجئة كل ما يملك من «الحلال»، ويصبح «أغناهم» حين يرفده كلٌّ بما يستطيع!
وكان أجدادنا لا يكذبون ولو على أنفسهم أو والديهم! وها نحن نكذب أكثر مما نذكر الله؛ حتى على أجدادنا أنفسهم فـ«نُهَايِطُ» بأمجادٍ لم يحققوها، ولم يدَّعوها!
ولكن لا يزال الخير فينا: فلماذا لا نستثمر هذا «الهياط» في شيءٍ مفيد؛ بدلاً من ابتذاله وارتذاله في «شاعر المليون»، و«شاعر المعنى»، و«مزاين أم رقيبة»؟
ولنبدأ بإعداد «منتخب كرة قدم» يحقق كأس العالم القادمة، ولا يكتفي بمجرد التأهل لها عن «حارة آسيا»:
تكفون ربعي ياهلي.. كل قبيلة تختار لنا من أبنائها مَنْقِيَّةَ «حراس مرمى»، ومنقية «مدافعين»، ومنقية «لاعبي وسط»، ومنقية «مهاجمين»! ويختار التشكيلة منهم مدرب من «الهوامير»، على أن يكون قائد الفريق «خضيرياً» أو «مُولَّداً» أو «طرش بحر»؛ كما كان «سالم مولى أبي حذيفة» قائداً لآل «الخطاب»!
سنرى عندها من أية ثغرة تؤتى وطنيتنا! وإذا «ميسي» راضع من حليب أُمه يقرب من «دائرتنا»!
المصدر: صحيفة الشرق