«الوظائف الخضراء» بوابة المستقبل المستدام

أخبار

تسعى الإمارات إلى بناء مستقبل مستدام لأجيالها، لذا تبنت منهجية الاقتصاد الأخضر، عبر استراتيجية التنمية الخضراء، حيث ظهرت الحاجة الملحة لترسيخ مفهوم «الوظائف الخضراء»، بما يتماشى مع الخطط الاستراتيجية لدول العالم، فقد قدرت منظمة العمل الدولية أنه بحلول عام 2030 يمكن للاقتصاد الأخضر أن يوفر نحو 24 مليون فرصة عمل لأصحاب المهارات الخضراء.

وفي تقريرها لعام 2018 بعنوان «التخضير مع الوظائف» اعتمدت منظمة العمل الدولية «ILO» تعريف برنامج الأمم المتحدة للبيئة للوظائف الخضراء على النحو التالي: «تقليل استهلاك الطاقة والمواد الخام، والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتقليل النفايات والتلوث، وحماية النظم الإيكولوجية واستعادتها، وتمكين الشركات والمجتمعات من التكيف مع تغير المناخ».

11 قطاعاً

وأوضح الدكتور عيسى البستكي رئيس جامعة دبي، ورئيس مجلس إدارة منصة الأكاديميات والشباب في المنظمة العالمية للاقتصاد الأخضر أن الوظائف الخضراء تحافظ على البيئة والأرض، مشيراً إلى أن هناك 11 قطاعاً على وجه الخصوص، يمكنه توفير وظائف خضراء تسهم في الحد من انبعاث الكربون، والتقليل من الهدر في الماء والطعام وتخضير البيئة، لتحسين الحياة المعيشية، وهي: الزراعة، الصناعات الاستخراجية، التعدين، النفط والغاز، البناء والبنية التحتية، المياه والهدر، التصنيع، الاقتصاد الحيوي، النقل، الصيرفة والمال، التعليم.

وأكد أهمية تعزيز سياسات الوظائف الخضراء على جميع المستويات داخل الدولة، وفي العالم، بطريقة تسعى إلى إيجاد فرص عمل مستدامة وشاملة ، مشيراً إلى أن تجربة «كوفيد 19» نقطة تحول مهمة، للنظر في كيفية استجابة الاقتصادات في جميع أنحاء العالم للتحديات.

ويرى أن الوظائف الخضراء ركيزة أساسية في تطوير ونشر حلول لتغير المناخ والتدهور البيئي، فضلاً عن ضمان تكريس العنصر الأكثر قيمة في القدرة الإنتاجية لجميع الاقتصادات لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة وتحسين البيئة الطبيعية.

شرط أساسي

وذكر البستكي أن توافر العمالة الماهرة شرط أساسي للانتقال نحو اقتصادات منخفضة الكربون وخضراء ومستدامة، حيث يعتمد الانتقال الفعال على تحويل مجموعات المهارات، لتلبية متطلبات أنماط الإنتاج والاستهلاك المتغيرة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال الجمع بين تحسين المهارات الحالية، وملفات تعريف الوظائف وإدخال وظائف جديدة تماماً، ودعم المشاركين الحاليين والجدد في القوى العاملة في التأهل لأدائها.

وأضاف: أن هناك حاجة إلى الاستثمار في برامج التعليم والتدريب لبناء القدرات، من أجل تطوير قوة عاملة ماهرة، لتلبية الاحتياجات المستقبلية لاقتصاد أكثر اخضراراً، مشيراً إلى أن اتباع نهج فعال للوظائف الخضراء سيعزز التغييرات في سلوك الاستهلاك، ويحفز قوى السوق على تبني مسارات خضراء أو منخفضة الكربون.

وحول المهارات اللازمة لتأهيل خريجي السياحة والضيافة لتعزيز السياحة الخضراء يرى الدكتور روس كوران أستاذ مساعد في كلية إدنبرة للأعمال بجامعة هيريوت وات بدبي أن خريجي قطاع السياحة سيلعبون دوراً رئيساً في تضمين الاستدامة بشكل فعال في هذه الصناعة، عبر تسلحهم بالمهارات والقدرات، التي تسهم في التغلب على تحديات الاستدامة، وتأمين فرص عمل خضراء، وتأهيلهم بمهارات التفكير الإبداعي والنقدي.

وأكد ضرورة تسليح طلبة وخريجي قطاع السياحة والضيافة بالوعي البيئي وتضمين ذلك في المناهج الأكاديمية، وأن يمتلكوا فهماً للأنظمة البيئية، ووعياً بمدى تأثير القطاع على البيئة، بحيث يتضمن هذا الوعي معلومات حول كفاءة الطاقة، والحفاظ على المياه، وإدارة النفايات، والحفاظ على التنوع البيولوجي، والنقل المستدام.

وأضاف: إن الطلبة يحتاجون إلى رؤية كاملة للتحديات المحيطة بالاستدامة في صناعة السياحة والضيافة، كما يعتبر الوعي بالممارسات والأساليب المستدامة، بالإضافة إلى الآثار البيئية والاجتماعية والاقتصادية للأنشطة المتعلقة بالسياحة أمر بالغ الأهمية.

حلول إبداعية

ولفت إلى أهمية تعزيز مهارات التواصل لدى الطلبة، ليتمكنوا من إجراء اتصالات مستدامة وتطبيق استراتيجيات تسويق خضراء، وأن يكونوا على دراية بأهمية التسويق والتواصل المسؤول في دعم السفر المستدام، وتعزيز قدراتهم على وضع خطط تسويقية، تسلط الضوء على التأثير الإيجابي للسياحة المستدامة على المجتمع والبيئة مع الابتعاد عن «الغسيل الأخضر»، وهو مصطلح يطلق على تضليل المستهلكين حول الممارسات البيئية.

مسؤولية مجتمعية

من ناحيته، عرّف المهندس عماد سعد خبير الاستدامة والتغير المناخي، رئيس شبكة بيئة أبوظبي، الوظائف الخضراء بأنها إحدى مقاربات الاقتصاد الأخضر، والذي ينصرف مفهومه نحو إعادة تشكيل الأنشطة الاقتصادية، لتكون مراعية أو مساندة للبيئة والتنمية الاجتماعية.

ويرى أن أهمية الوظائف الخضراء تكمن في كونها تكفل تخفيف الأثر البيئي للشركات، إلى حدود يمكن تحملها، مشيراً إلى أن هناك علاقة طردية بين الوظائف الخضراء و«العمل اللائق» ، فهي ترجمة عملية لتطبيق المسؤولية المجتمعية بالمؤسسات لتحقيق التنمية المستدامة، وفي الوقت ذاته تعمل المسؤولية المجتمعية على توفير فرص عمل خضراء لائقة للجميع، تسهم في تحقيق التنمية المستدامة، مؤكداً أن الوظائف الخضراء هي انعكاس طبيعي لتطبيق معايير الاستدامة، من خلال المسؤولية المجتمعية.

3 حوافز

أوضح المهندس عماد سعد أن هناك العديد من العوامل التي تساعد بنجاح تخضير الوظائف وتزيد الطلب عليها وأبرزها 3 عناصر هي: النمو الاقتصادي، وحماية البيئة، وتوفير العمل اللائق للجميع، لافتاً إلى أن هذه الحوافز مترابطة مع بعضها البعض بشكل وثيق، وينبغي العمل على التشجيع عليها في آن.

«الشباب العربي» منصة إقليمية رائدة لدعم استراتيجيات البيئة

جاء إطلاق مركز الشباب العربي لمجلس الشباب العربي للتغير المناخي، ليكون منصة إقليمية،تعزز تفاعل الشباب العربي مع القضايا البيئية، ودعم الاستراتيجيات المتعلقة بالبيئة، فضلاً عن المساهمة في إيجاد قادة رأي ومبتكرين شباب في مجال العمل المناخي، يواكبون ملف استضافة الإمارات لقمة المناخ «كوب 28» نوفمبر المقبل.

جهود

وتأتي هذه الجهود خصوصاً بعدما كشف استطلاع أولويات الشباب، الذي أنجزه مركز الشباب العربي أن البيئة لا تمثل أولوية للشباب العربي سوى بـ12 %، لذلك يسعى مجلس الشباب العربي للتغير المناخي إلى إحداث تغيير نوعي في آليات ومستوى التفاعل مع قضايا البيئة وتغير المناخ.

وانطلاقاً من ذلك أصدر المجلس النسخة الثانية من «دليل الشباب العربي.. خطوات عملية لاكتساب المهارات الخضراء»، الذي يوفر نصائح للشباب، لتحسين قدراتهم على نيل الوظائف، واغتنام الفرص وتحصين مسيرتهم المهنية من تحديات المستقبل، حيث يركز الدليل على طرق مختلفة لاكتساب المهارات الخضراء، وأهمية بناء الاقتصاد الأخضر، وما هي الوظائف الخضراء، التي يتطلبها سوق العمل فضلاً عن المهارات المقرر أن يكتسبها الشباب ليواكبوا هذا التحول.

ويُعرف الدليل الوظائف الخضراء بأنها فرص عمل تسهم في الحفاظ على البيئة أو إعادة إحيائها، سواء كانت في القطاعات التقليدية مثل التصنيع والبناء، أو في القطاعات الخضراء الناشئة الجديدة مثل الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، بينما تشمل القطاعات، التي يمكن العثور فيها على وظائف خضراء الزراعة، البناء والإعمار، الأزياء ومصائد الأسماك، الغابات، التصنيع، السياسة، النقل، التعليم، الطاقة، التمويل، الطعام والتموين، الضيافة والسياحة، الموسيقى والترفيه، إعادة التدوير.

وتساعد الوظائف الخضراء في تحسين كفاءة الطاقة والمواد الخام، والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وتقليل النفايات والتلوث، بالإضافة إلى حماية النظم البيئية وإحيائها، ودعم التكيف مع تداعيات التغير المناخي، فضلاً عن أنها تؤدي إلى خفض استهلاك الطاقة والمواد الخام، وتمكين الشركات والمجتمعات من التكيف مع التغير المناخي، بالإضافة إلى تحقيق النمو الاقتصادي، وتلبية مختلف الاحتياجات.

المصدر: البيان