كاتب سعودي
كنت أناقش واحدا من كبار أساتذة الدراسات الاستراتيجية في إحدى الجامعات الأمريكية حول الأخطار التي تهدد دول مجلس التعاون. تحدث الرجل بإسهاب عن روسيا و”داعش” وقليلا عن إيران، لكنه لمح إلى أن الحوثيين يمثلون خطرا لكنه ليس بالحجم الذي يتخيله المواطن السعودي والخليجي.
الآن وقد أضحت صنعاء في قبضة الحوثيين أجدني أشك في أن الرجل كان يحاول أن يقنعني بمفاهيم ترغب في نشرها دول معينة عن الأزمة القائمة. تحويل انتباه دول المجلس عن اليمن نحو مناطق ونزاعات أخرى قد يكون هدفا لمرحلة تمكين الحوثيين من القرار في دولة مهمة كانت قريبة من الحصول على امتيازات خاصة قد تدفع بها إلى عضوية المجلس.
عند السؤال عن المسؤول عن الحال التي وصل إليها اليمن، لابد أن نأخذ في اعتبارنا التسلسل التاريخي للأزمة والأخطاء الاستراتيجية التي قد تحول اليمن إلى لبنان أخرى، ولكن أكثر خطرا لناحية تنفيذ الأجندة الإيرانية.
قد يكون تسريع عمليات الحوثيين ودفعهم إلى التخلي عن التعهدات والمواثيق التي عقدوها مع الحكومة المركزية في اليمن، ناتجا من الشعور الإيراني بالاختناق الاقتصادي الذي قد يدفعه إلى اتخاذ خطوات أكثر مجازفة. يتماشى هذا مع “تلميحات” أطلقها نصر الله وروحاني خلال الأسبوعين الماضيين.
الخطأ الاستراتيجي الذي سمح لعلي صالح، بالعودة لليمن والتواصل مع أنصاره، وهو مَن هو في الدهاء والقدرة القيادية والعلاقات داخل اليمن وخارجه. هذا الخطأ أوجد تحالفا لم يكن يتوقعه أحد. تحالف يرمي لأهداف شخصية بعيدة عن مصالح الدولة في اليمن.
الخطأ الاستراتيجي الآخر هو إبقاء طاقم الرئاسة “الضعيف” بكامله وقياداته في مواقع أخرى، وهم مَن اختارهم علي صالح بنفسه؛ ليضمن بقاءه وعودته إن هو خرج من الرئاسة. أدى هذا إلى ضعف قرارات الحكومة ووقوعها ضحية لاتفاقيات وتنازلات وعداوات فرضها واقع اليمن.
يأتي الاجتماع الخليجي لمناقشة التطورات، ومعه لا بد من الخروج برؤية موحدة وخريطة طريق تسمح بإزالة نتائج الخطأين الاستراتيجيين اللذين أديا إلى الوصول إلى وضع الدولة رهينة لجماعة لا يتجاوز عدد أفرادها 5 في المائة من تعداد الشعب.
الأخطاء الاستراتيجية لا تعالج بحلول تكتيكية. يجب أن تكون الحلول شاملة ومؤثرة وقادرة على تحقيق نتائج تضمن لليمن الاستقرار والنمو، ولجيرانها العيش معها بسلام ووفاق.
المصدر: الاقتصادية
http://www.aleqt.com/2015/01/22/article_924833.html