قبل فترة طويلة كتبت عبر هذه الزاوية عن ممارسة غير صحية ولا أخلاقية انتشرت لبعض الوقت من جانب شركات تستغل الباحثين عن فرص عمل، حيث كانت تقوم باستدراجهم لمقابلات للتوظيف، ومن ثم تبلغهم باختيار أحدهم أو العدد الذي تحتاج إليه، ولكن بشرط الموافقة على العمل لفترة تجريبية لمدة قد تصل لثلاثة أشهر وبدون راتب. وبعد انقضاء الفترة المتفق عليها تعتذر لهم بحجة عدم اجتياز المعايير المطلوبة وتأتي بآخرين غيرهم وهكذا دواليك.
خلال الأيام القليلة الماضية تابعت ضجة أحدثها إعلان منسوب لإحدى الجهات وضع في موقع إلكتروني معروف للتوظيف في الدولة، عن بحثها عن متطوعين إماراتيين للعمل في أقسام المشتريات وتكنولوجيا المعلومات على أن يكونوا جامعيين في تخصصات إدارة الأعمال أو المالية أو المحاسبة أو تكنولوجيا المعلومات ممن «يرغبون في اكتساب الخبرة العملية»، وذكرت أن ساعات الدوام لن تقل عن ثمان ساعات ولخمسة أيام في الأسبوع من الأحد إلى الخميس ولمدة تتراوح ما بين شهرين لثلاثة أشهر وبدون أية مكافأة مالية. وحرصت الجهة المعلنة على التذكير بأنها ستقوم بإجراء «مقابلة هاتفية» للمتقدمين الذين سيقع عليهم الاختيار.
«العبقري» الذي تفتق ذهنه عن استغلال شباب وشابات بهذه الطريقة وحبهم للتطوع ورغبتهم في تدريب عملي يعزز من فرص توظيفهم المستقبلية، كنت أتمنى لو أنه وظف تلك «العبقرية» في اتجاه آخر وبصورة إيجابية بتوفير فرص وظيفية حقيقية لهم، يبنون معها ذواتهم ويحققون أحلامهم وتطلعاتهم في خدمة أسرهم وبلادهم. خاصة مع وجود حاجة لسد متطلبات القطاعات التي ذكرها الإعلان، وإلا لم يكن ليعلن عنها حتى وإن كانت مؤقتة.
وفي الظروف الحالية لسوق العمل وتداعيات جائحة كورونا التي ألقت بظلالها على مختلف القطاعات، نجد أن شركات التوظيف الخاصة تلعب دوراً غاية في السلبية وهي تتولى توفير العمالة للعديد من الجهات والدوائر والمؤسسات والشركات الحكومية منها وشبه الحكومية والخاصة المتعاقدة معها، فتراها تحاسب الجهة المُوظِفة براتب عالٍ تستقطع نصفه تقريباً لنفسها وتعطي النصف الآخر للشخص الذي تعاقدت معه لقاء العمل في تلك الجهة، بينما تستقطع شركات أخرى رواتب الأشهر الثلاثة الأولى كاملة لصالحها. ممارسات غير صحية تستغل حاجة شباب وشابات في مستهل حياتهم العملية، وتسيء في الوقت ذاته للصورة الزاهية لسوق العمل في الإمارات التي يفد إليها الملايين من مختلف أصقاع الأرض لتحقيق أحلام المستقبل.
المصدر: الاتحاد