كاتبة سعودية
إنهاء العزلة والعقوبات الاقتصادية عن إيران ليس اهتماما أمريكيا طارئا فحسب، بل مرغوب من الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا قبل القرار الأمريكي، وذلك لأسباب تتعلق بمصالح واقتصاد البلدان نفسها. وسواء أتمت أمريكا الاتفاق أم لم تتم فإن العقوبات كما يبدو لن تظل “ثابتة” كما هي. هناك خسائر اقتصادية وسياسية لا تناسب هذه البلدان جراء إيقاف التعامل مع إيران، وهم كما يبدو لا يريدون الاستمرار في هذا الإجراء مطولا خاصة مع الأزمة النفطية العالمية. إذن فإن اللعبة تتجاوز الساحة الأمريكية، وإن كانت هي الداعم والمحرض والقائد، لكن ذلك ربما لن يستمر طويلا. والموقف الأمريكي من النووي الإيراني مستقبلا قد يكون أضعف مما هو عليه الآن في حال انسحبت من الاتفاق، ولا سيما أن إيران ستكمل طريقها في المشروع وإن كان ببطء. وقد لا تكون للاتفاق غدا في عهد رئيس أمريكي قادم قيمته التي هي عليها الآن في عهد أوباما. هذا هو الواقع الأقرب، فكيف يمكن معالجة تبعات هذا الواقع بأفضل سيناريو؟
توقع تقرير صادر عن المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية بأنه إن حدث ونسف الكونجرس الاتفاق فإن رد فعل أوروبا سيكون تخفيف الحظر النفطي على إيران، وستتعاطف كل من روسيا والصين كذلك مع موقف إيران، وستجدها فرصة سانحة لتعزيز مصالحها على حساب أمريكا. والصين على وجه الخصوص لديها روابط اقتصادية تاريخية مع إيران، وليس لديها ذلك الحماس لصفقات أمريكا الخاصة في الشرق الأوسط. وبما أن المحادثات مستمرة حتى الآن بين الدول العظمى وإيران، فإن إمكانية اتخاذ قرار بشأن هذا الاتفاق محكوم بأمر من اثنين: إما تنازلات أمريكية، أو تنازلات إيرانية. لذا يبدو أن الخيارات والبدائل محدودة، فهي إما استمرار المحادثات طويلا بمواصلة الضغط الدبلوماسي الذي لن ينتهي في المستقبل المنظور، أو إنهاء المحادثات مع إيران ومحاولة إجبارها على التراجع، أو التلويح بالحرب بحسب وزير الدفاع الأمريكي، ما يعني ضربة عسكرية على أهم نقطتين مركزيتين في إيران:العسكري والنووي، أو قد ينتهي الأمر بحسم الكونجرس الذي أصدر أخيرا قانونا يعطيه الحق في النظر في الاتفاق النهائي.
هذه خيارات وبدائل أمريكا، لكن ما خيارات دول الخليج والموقف الخليجي من الاتفاق؟ هي التي ستكون الشهر المقبل في قمة كامب ديفيد على طاولة واحدة في نقاشات مع أمريكا حول هذا الاتفاق وحول الأمن القومي الخليجي، والمنطقة، والمصالح المشتركة. خيارات الخليج لا تبدو ذات أولوية نووية في الفترة الراهنة وإن كانت جزءا من الخيارات كحق من حقوقها، وهذا ما تعيه أمريكا والدول العظمى. المباحثات الأولية هي سياسية أمنية ليس على مستوى الحماية العسكرية فحسب بل في استقرار سياسي شرعي في الدول المحيطة، بما يفرض الأمن داخلها وخارجها بعيدا عن تدخلات إيران. ولا يبدو على أي حال أن إيران تتغير سياسيا، لذا فالذي كان عليه أن يتغير وقد كان هو الموقف السعودي ـــ الخليجي مما يحدث. وعلى إثر ذلك على إيران أن تراجع حساباتها في المنطقة، تماما كما على الإدارة الأمريكية أن تفعل.
المصدر: الاقتصادية
http://www.aleqt.com/2015/04/21/article_951280.html