كاتبة إماراتية
دخل الزوج إلى المنزل وهو مستعجل فأصدقاؤه ينتظرونه في المقهى الذي اعتاد أن يرتشف فيه قهوته المرة وينفث دخان سيجارته، فتجرُّ الزوجة خيبتها وتردد بعض الكلمات لتعبر عن مدى استيائها «ألا يتغير هذا السيناريو الذي ينضح بالأنانية؟ هذا هو برنامجك اليومي تنام ثم تقوم لتقضي الليل برمته خارج المنزل»، كلمات في الصميم، ولكنها لم تؤثر فيه أبداً كما يقول المثل الشعبي «أذن من طين وأخرى من عجين»، أسرع خارجاً حتى يعتلي سيارته ويطلق لها العنان.
فتبدأ وساوس الزوجة بأن زوجها قد يكون لديه علاقة غير سوية بأخرى.
الخيانة الزوجية مشكلة موجودة منذ زمن طويل، وليست أمراً جديداً في بعض العلاقات الزوجية، ولكن التفكير المزمن بشكل سلبي قد يولد هاجساً وظنوناً لا تمت للواقع بأية صلة، أو قد تكون حقيقة ونزوة عابرة قابلة للغفران. والتجارب التي تمر بها بعض الزوجات أو قصص البعض تظل عالقة في الأذهان، وقد تصاحبهن في سلوكهن ليس فقط مع الزوج ولكن مع الأبناء، فتستخدم بعض الزوجات الخادمة في المنزل كطريقة للتجسس على الزوج والأبناء من خلال التنصت والمراقبة على مكالماتهم الهاتفية ورؤية ما يتم كتابته على تطبيقات المحادثة.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، كيف لبعض النساء أن يثقن بالخادمات ثقة عمياء بفتح باب إفشاء الأسرار على مصراعيه أمامهن بغرض الحصول على معلومات لن تزيدها سوى شك وقلق. تقول إحدى الخادمات «أنا أعرف أشياء كثيرة عن الأبناء وعن الزوج والزوجة لا يعرفونها عن بعضهم البعض، فهم يأتمنونني على بعض الأسرار، ولكني أفشيت أحد هذه الأسرار بالخطأ فتسبب ذلك بفسخ خطبة ابنهم الأكبر فتم الاستغناء عني» ولكن ما الفائدة؟
من أخطر الأمور أن يتسلل الشك وعدم الثقة إلى قلوب الأزواج ليؤثر سلباً على الأبناء، فبذور الشك قد تنتج من تغيير في تصرفات الزوج ليظهر الإحساس بالغيرة لدى الزوجة لدلائل قد تكون واضحة أو مجرد أوهام.
وهذا الشك يرجع لأسباب نفسية أو اجتماعية، ينتج عن التفسير الخاطئ لبعض المشكلات بين الزوجين وبين الأم والأبناء، والتي تعود أسبابها لشخصية الزوجة التي يسودها الإحساس بالنقص، لأنها لم تحصل على الحب الكافي منذ الصغر، لذا يسود في قرارة نفسها أنها غير جديرة بالحب، وأنه قد يتم التخلي عنها لأي سبب.
الزوجة العاقلة والجريئة تعرف كيف تتعامل مع نزوات الزوج إن وجدت، لتكسب وده وتعيده إليها وإلى بيتها دون الحاجة لمراقبة تحركاته بأساليب دنيئة، فإن لم تغفر أخطاء المحبوب سار في دروب شائكة قد تدمره ويلحق هذا الدمار أسرته، فالتنبيش في تفاصيل حياة الزوج أشبه بفتيلة تضعها الزوجة في ثنايا حياتها الزوجية لتحولها إلى جحيم متأجج. وفي تربية الأبناء هي مطالبة باحتوائهم وكسب ثقتهم واحترام خصوصياتهم، فهو يعدّ أمراً مهماً في تكوين شخصيتهم المستقبلية، فضلاً عن أهمية هذا الأسلوب في تمتين أواصر المحبة بينهم وبين الأم وبالتالي الأسرة.
المصدر: البيان