كاتب وصحفي سعودي
تعرّض ماغنوس أولسون إلى حادث خطير أدى إلى نزيف في رأسه ودخوله في غيبوبة. بعدما تذوق طعم الموت قرر أن يخوض غمار المشاريع المؤجلة التي كان يتطلع أن ينبري لها، لكن الخوف من الفشل حال بينه وبينها. بعد أن استيقظ أولسون من الغيبوبة عرف أنه كُتِب له عمر جديد. هذا العمر يجب أن يفنيه في العمل؛ لأنه قد يغادر هذا العالم في أي لحظة، ويجب أن يترك خلفه أثرا وتأثيرا. أقلع عن الأحلام، وبادر بمواجهة الواقع، وشرع في بلورة الأفكار التي نامت طويلا في رأسه. افتتح شركات عدة لم يكتب لها النجاح. تعرف على صديقه الباكستاني المولد، مدثر شيخة، الذي يعمل في وادي السيلكون (منطقة مشهورة بالمشاريع الريادية التقنية في كاليفورنيا)، ورأيا أن هناك مشروعا واعدا مكانه دول الخليج وليس الولايات المتحدة. ويتجسد هذا المشروع في خدمة حجز السيارات والسائقين عبر تطبيق ذكي. أطلقوا عليه اسما عربيا وهو “كريم”. بدأ المشروع في الإمارات وافتتح في الرياض. ميزة هذا التطبيق أنه يمنحك التفاصيل الكاملة التي تريحك منذ أن تحجز السيارة حتى تصلك. ففور أن تحجز سيارتك تظهر لك بيانات السائق، وسيارته، ورقم لوحتها، والطريق الذي يسلكه، مع خريطة تتبع مساره، تجعلك مطمئنا أنه سيصلك في الموعد المحدد، ولن يفوتك اجتماعك أو لقاؤك.
والأجمل من ذلك أنك ستجد تعاملا راقيا وعلبة مياه في انتظارك، سواء رغبت أن تجلس في المقعد الخلفي أو الأمامي. لوهلة ستشعر أنك في فندق وليس سيارة. ويعمل مدثر على توفير أجهزة لوحية مع خدمات إنترنت مجانية تسلي الركاب خلال رحلاتهم. فشاشة أجهزة الهواتف المتحركة صغيرة، ولا تمنحهم متعة القراءة كما تفعل الأجهزة اللوحية.
عاد صديقي من الرياض ولا حديث له سوى “كريم”. فما سمعته عن “كريم” أكثر مما قرأته؛ ما يعكس جودة الخدمة وحيويتها.
يجب ألا نقترب من الموت حتى نطلق مشاريعنا ونترجمها. أفكارنا جديرة بالتطبيق والتنفيذ على جناح السرعة. ما فعله أولسون وشيخة يدل على أن هناك متسعا للنجاح. كل ما علينا سوى أن نتحرر من مخاوفنا وخوفنا.
لديّ قناعة تامة بأن النجاح سيكون حليف كل فكرة متى ما أخلصنا من أجلها. إن الإخلاص هو البهارات التي تصنع لوجباتنا نكهة شهية.
المصدر: الإقتصادية
http://www.aleqt.com/2015/03/12/article_939148.html