رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
يبدو أن كثيرين مثلي اعتقدوا للوهلة الأولى أنهم يقرأون بيان إعلان حرب صادراً من دولة عظمى بحجم أميركا أو روسيا بسبب كارثة أمنية خطيرة، لكن المفاجأة التي جعلت معظمهم يشعرون، مثلي أيضاً، برغبة جامحة في الضحك، أنه مجرد بيان من نادٍ رياضي يقبع في المراكز الأخيرة في دوري الإمارات، ضد صحيفة تمارس دورها الطبيعي والعادي جداً في تحليل مباراة كرة قدم!
بيان الاستنكار الغريب الذي أصدره نادي اتحاد كلباء، أمس، في أول يوم من أيام السنة الميلادية الجديدة، يستحق أن يدخل موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، فهو أشد بيان من حيث لهجته يصدره نادٍ رياضي على مستوى العالم، منذ أن اكتشف الإنجليز كرة قدم إلى سنتنا الجديدة 2020، ولا أعتقد أن هناك نادياً آخر سيصدر بياناً أشد لهجة منه خلال عشرين أو خمسين أو مئة سنة قادمة، ما يعني أن التاريخ سيسجل نصراً خالداً لنادي اتحاد كلباء، لكنه للأسف خارج حدود المستطيل الأخضر، بينما جماهيره كانت تتمنى أن يكون إنجاز النادي داخل الملعب لا في ملاسنة الإعلام!
«نشر المغالطات والأخبار الكاذبة من الأساليب الملتوية لزعزعة أركان الفريق، وإثارة الشارع الرياضي».. هذا ما تضمنه البيان. ولكن هل يعرف من كتب ذلك ما هي المغالطات والأكاذيب والأساليب الملتوية التي استدعت هذا الغضب غير المسبوق؟ إنها ببساطة فقرة صغيرة تدخل في سياق تحليل مهني رياضي لا يحتوي على أي إساءة أو مخالفة قانونية أو غير قانونية، فقرة من صميم عمل الصحافي الرياضي، كتب فيها تعليقاً على خسارة النادي 5/صفر من نادي شباب الأهلي: «مصير مدرب وأجانب اتحاد كلباء يحسم اليوم أمام خورفكان». والمعنى أنه إذا استمرت الهزائم فقد يضطر النادي إلى تغييرهم. هذا كل ما في الأمر لا أكثر ولا أقل!
أتمنى وأدعو وأشد على يد المكتب القانوني لشركة نادي اتحاد كلباء الذي «هدّد» و«توعّد» باتخاذ الإجراءات القانونية ضد الصحيفة، ألّا يتأخروا في رفع الدعوى القانونية، لأن الصحيفة كانت سبباً مباشراً في ضياع درع دوري المحترفين الذي كان في طريقه للنادي، وتسببت في زعزعة أركان النادي، وعليهم أن يثبتوا للقاضي الكيفية التي تزعزعت بها هذه الأركان، وهل هي ضعيفة واهية لهذا الحد؟!
بعد قراءة البيان، لم يعد هناك شك أبداً في وجود أزمة وخلل في هذا النادي، لكنها حتماً ليست مالية، بل هي أزمة إدارية واضحة، فالعقلية التي تصدر بياناً مثل هذا لا يتوقع منها أبداً أن تسهم في خلق فريق قوي، منافس، مليء بالحماس والتفاؤل!
بالمناسبة، لم تخرج «الإمارات اليوم» عن التقاليد المهنية المتعارف عليها منذ سنوات طويلة في التحليل الرياضي الذي يعد ممارسة مشروعة.. ابحثوا عن سبب أزمتكم أيها السادة، وابحثوا عن مواطن الخلل، بالتأكيد لن تجدوها في تغطية رياضية عادية، بل لن تجدوها أصلاً على شماعة الإعلام الذي أصبح ملاذاً آمناً لكل من يشعر بالفشل كي يربط أخطاءه أو يعلقها على هذه الشماعة!
المعايير المهنية، بل إن النقد الرياضي وأحياناً النقد القاسي، يأخذ مكانه الطبيعي في إعلامنا الرياضي منذ فترات طويلة، وهو أمر متقبل ليس من الأندية والاتحادات واللاعبين فقط، بل من معظم المسؤولين في الدولة.
المصدر: الإمارات اليوم