كاتب سعودي
أجمل ما وجدت بعد الإجازة هو هذه الغضبة المضرية الحميدة التي أظهرها جمع كبير من الشباب والإعلاميين ورواد وسائل التواصل الاجتماعي في السعودية والخليج نصرة لثقافتهم واعتزازا بتاريخهم في مواجهة المغالطات الفجة التي ساقها العنصري المنتفخ يوسف زيدان تجاه الجزيرة العربية وأهلها وتاريخها، وقد جاءت هذه الحادثة العابرة لتكشف لنا أن الجهل الحقيقي أساسه فقدان الأخلاق وليس فقدان المعرفة، فالشوفيني لا يمكن أن يكون عالما والمثقف الحقيقي لا يمكن له أن يكره بالجملة والمفرق، والعنصرية المدفونة في أعماق النفس سرعان ما تتحول إلى حجاب عظيم يحول بين الإنسان والعالم من حوله، فيصبح عاجزا عن الفهم حتى لو عاش عمره كله بين الكتب.
ولعل أجمل مافي بيانات وتغريدات (سراق الإبل) أنها في الغالب لم ترد على لغة زيدان العنصرية بلغة عنصرية مضادة بل ركز شبابنا على معالجة ما يعاني منه هذا المنتفخ المغرور من نقص شديد في المعلومات، وهذا موقف يدل على وعي كبير وخلق رفيع، فالعالم العربي اليوم يعيش واحدة من أسوأ المراحل في تاريخه ولا ينقصه المزيد من الحفلات العنصرية المفتوحة التي من شأنها أن تزيد الوضع سوءا وتعزز حالة الفرقة والتمزق التي تعيشها أمتنا العربية اليوم.
لقد أكدت هذه الحادثة جدية الاتهامات التي تشير إلى أن يوسف زيدان بنى اسمه الأدبي والثقافي عبر سلسلة من السرقات الأدبية المتواصلة، فهذا الجاهل الذي ظهر في تلك الندوة العجيبة منكرا وجود علماء لغة في الجزيرة العربية (هاتوا لي عالم واحد !!).. ومدعيا أن كل العرق العربي انتشر بعد انهيار سد مأرب!!.. ومنكرا وجود حضارات في قلب الجزيرة العربية قبل الإسلام لا يمكن أن يكون مؤلفا أصيلا لكل تلك الأعمال الأدبية التي ظهرت باسمه؛ لأن من يجهل البديهيات الصغيرة من حوله وخصوصا تلك التي تتعلق بلغته وحضارته وثقافته لا يمكن أن ينتج أي عمل يتوغل في أسرار الحضارات القديمة بل هو على الأرجح ناقل خفيف اليد وسارق ارتدى القفازات في يوم من الأيام كي يخفي بصماته من مسرح الجريمة ولكن لسوء حظه جاءت لحظة الغفلة التي يسقط فيها كل اللصوص ليسأله كل الناس: من أين لك كل هذه المؤلفات وأنت على هذه الدرجة من الجهل الفاضح؟!.
المصدر: عكاظ