كاتبة وإعلامية
لوزارة الداخلية تجربتها وقدراتها وتأهيلها الكبير في مكافحة الإرهاب والتعامل الاحترافي الذي جعلها تأخذ موقعا متقدما بين المؤسسات الأمنية العالمية في ذلك، ومن خلال كثير من الحالات التي أنجزتها يمكن الجزم بأنها قادرة على مواصلة مسيرة ناجحة، وآخرها تعاملها المهني الدقيق في ضبط الخلية الإرهابية التي تضم سوريا وفلبينية في حي الفيحاء بمدينة الرياض، وقبل أن نتساءل عن الذي لمّ الشامي على المغربي، لا بد وأن نؤكد أن كفاءة أجهزتنا الأمنية جديرة بالثقة فيها ودعمها بأن يكون المواطن معززا لها على اعتبار أنه رجل الأمن الأول، وهو دور يزداد حضورا في ظل وجود مهددات أمنية كثيرة تحيط بمجتمعنا وبلادنا.
بغض النظر عن البنية العقدية أو الفكرية لهذه الخلية الأجنبية إلا أن لها امتدادا مع المتطرفين الذين يتم تصنيع المتفجرات لهم، وتلك متاجرة قبيحة بالدمار والتخريب، والمخزي أنها تتم بين ظهرانينا، والسؤال هو كيف لهؤلاء أن يمتهنوا هذا العمل الإجرامي وفي وسط الناس ويتاجروا ببضاعتهم بين شبابنا؟ من الذي يوحي اليهم بذلك ويجعلهم يعملون والموت على رقابهم؟ من الذي حفّزهم للمخاطرة بحياتهم على هذا النحو المعتم؟ أشد عتاة الجريمة الذين يتاجرون في المخدرات والأسلحة لا يتعاملون مع نهاياتهم الحتمية بهذه الصورة غير المبالية.
لدينا مشكلة كبيرة في مجريات الإرهاب الذي أصبحت تتدخل فيه عوامل خارجية بكل ثقلها، وهي أن الخطاب الديني أصبح مستغلا بصورة إجرامية وكارثية تهدد أمن الإنسانية والمجتمعات والأوطان وتجعل الأفراد مجردين من أي خيارات عقلية، وهو خطاب تلقيني ينبغي أن يوضع له حد لأنه في الأساس قائم على الترهيب دون فرصة للترغيب، ويضطلع به خطباء يضعون أنفسهم مقامات العلماء بحيث يمكنهم أن يشرحوا ويؤولوا ويفسروا النصوص بأفواه كبيرة تصيب الضحايا بالصمم والعجز عن الإدراك، وذلك يعيدنا دوما الى المربع الأول لفداحة الخطاب الديني الذي يواصل منهجه في اختراق العقول ويمارس التضليل الممنهج الذي يجعل حتى فلبينية تصنع متفجرات وتطلب الجنة بقتل الأبرياء إن لم تتعامل مع الصنعة كعمل ذي دخل جيد.
ليست المشكلة في عقول الشباب بقدر ما هي في خطاب مسترسل ومستمر في الغي والتضليل، وسط لا مبالاة أسرية في بعض الأحيان، وطوفان من الحمم العقدية الفاسدة يسبح في المواقع الاجتماعية ويقتنص هؤلاء ويعيد تشكيلهم وبناء ذات مدمرة لا تملك القدرة على الاختيار، والحل في مزيد من إعادة النظر في الخطاب الدعوي والتحريضي الذي ينوّم الشباب مغناطيسيا ويمنحهم جنة لا توجد إلا في خيال الخطباء الذين يزعمون أنهم محل الدين تماما كما كان يفعل رهبان الكنيسة في العصور الظلامية والوسطى.
المصدر: صحيفة اليوم السعودية