سكينة المشيخص
سكينة المشيخص
كاتبة وإعلامية

انتهاء ثقافة العيب في العمل

آراء

التحول في الفكرة العملية لدى الشباب أمر يمليه اكتساب ثقافة العمل الحر والحاجة الى مصدر دخل مؤكد، والاتساع بالأفق للحصول على خبرات وتجارب لا يمكن أن تأتي من خلال انتظار الوظيفة أو البحث السلبي عنها، وإذا عانت وزارة العمل وبرنامج السعودة من تواضع ثقافة العمل، فليس بالضرورة أن يعاني الشباب من الثقافة المجتمعية التي تصنّف الأعمال بصورة لا تتفق مع مقتضيات ومتطلبات الكسب الشريف.

بدأت تظهر نماذج تؤكد اتجاه شبابنا الى ثقافة بديلة عن تلك التقليدية التي تعطّل مصادر الكسب وتركها للأجانب الذين يكسبون من ورائها أموالا طائلة، ومن ذلك ما قرأته عن لاعب بأحد أندية الدرجة الثالثة في مدينة جدة يتدرب دون انقطاع ويعود ليلا الى حارته ليواصل مهنته على بسطة خاصة لبيع الأطعمة الشعبية، والسؤال الطبيعي إذا كانت هي أطعمة شعبية، أي من صميم مجتمعنا لماذا نتركها لغيرنا ليربحوا ويكسبوا ونحن ننظر اليهم ونرى ذلك عيبا علينا إن تجرأ شاب واقتحم هذا المجال؟! إننا نضيّع فرصا ثمينة للاستثمار والكسب والعمل باستسلامنا لثقافة العيب وتصنيف المهن والأعمال، فيما كثير من أثرياء العالم الذين يتصدرون “الرانكنج” الخاص بالثروات كانوا يعملون في مهن هامشية وذاقوا الأمرّين في مستهل حياتهم، ولكنهم تعاملوا مع تحدياتهم بجدية وعزيمة الى أن حصدوا أول دولار ثم صعدوا به وصعد بهم الى صدارة الثروات العالمية، ولم يعبهم أحد أو يتندّر عليهم أو يستقل من قيمتهم، بل أصبحوا ملهمين ونماذج لشباب العالم في قوة الإرادة واكتشاف الذات وتفجير الطاقات.

في منطقة القصيم، أطلق سمو أمير المنطقة منذ حوالي سبعة أعوام جائزة الشباب العصامي في سبعة فروع، وهي جائزة جاءت من فكرة رأى من خلالها شبابا يعملون في مغسلة بكل همة وجدارة، فأطلق الجائزة لحث الشباب على طرق ثقافة العمل الحر والتخلص من الفكرة التقليدية حول انتظار الوظيفة ومكافآت برامج وزارة العمل للعاطلين، وكل من شارك في الجائزة خلال دوراتها الماضية أصبح صاحب مشروع بدأه من الصفر، وعليه فإن المشكلة لم تكن في الأساس من الأجهزة التنفيذية، رغم عدم إعفائها من مسؤولياتها تجاه الباحثين عن وظائف، وإنما في العقل الذي يفكر ويختار بين البدائل المتاحة بل وابتكار بدائل تناسب قدرات كل شاب، فذلك اللاعب المكافح يجيد إعداد الأطعمة الشعبية وإدارة مشروعه الصغير، وغيره يمكن أن يجيد عملا آخر، ولكننا بحاجة الى اكتشاف الذات والانعتاق من السلبية العملية والانطلاق في فضاء العمل الحر، ففيه مكاسب ترضي طموحات الكثيرين لو كانوا يعلمون.

المصدر: صحيفة اليوم