يبدو أن معدي برامج إذاعتي (البي بي سي) و(مونتيكارلو)، الناطقتين بالعربية، ما زالوا يحملون نظرة الثمانينيات من القرن الماضي في تعاطيهم مع ما ينشر في الصحافة العربية. ما أن يستشهد أحدهم بما نشر في الصحافة العربية إلا ولجأ لواحدة من ثلاث صحف عربية تصدر من لندن.
كأن تلك الثلاث صحف – مع تقديرنا لها – هي كل الصحف العربية. أم أن معدي البرامج الإخبارية في تلك الإذاعتين لا يجيدون قراءة الصحف العربية على الإنترنت؟ الصحف العربية، من المحيط إلى الخليج، تقدم آراء سياسية وثقافية متقدمة، وفيها محللون سياسيون مؤهلون ممن يُعطي الاستشهاد بآرائهم تنويعاً حقيقياً في الرأي والتحليل.
لكن زملائنا الكرام في لندن ومونتيكارلو يدورون دوماً في فلك ما ينشر في الصحف العربية الصادرة في لندن وكأن تلك الثلاث صحف تختزل كل آراء العالم العربي. أفهم أنه لا يقرأون غير تلك الصحف قبل عصر الإنترنت.
لكن في عصر الإعلام الجديد، حيث تنتشر المقالات من مئات الصحف العربية عبر مواقعها على النت وحيث «تويتر» يسهم كثيراً في انتشار مقالات وتحليلات صحفية مهمة، أصر على السؤال: لماذا هذا التجاهل لمئات الصحف العربية، بما تحمله من تنوع في الآراء والتحليلات؟ هل لأن بعض معدي برامجكما يعملون في تلك الصحف؟ فقط أتساءل! أم لأن بعض معدي البرامج لا يريد «وجع الراس» ففضل الخروج من «معمعة» التنوع وسلك أسهل الطرق مبرراَ: جرت العادة منذ زمن بعيد أن نعتمد على ثلاث صحف عربية وكان الله غفوراً رحيماً؟
ولأنني أحترم كثيراً هاتين الإذاعتين، وأستمع لهما يومياً، كتبت هذا العتب ثقة في أن تنوع الآراء والتحليلات المقتبسة من الصحافة العربية فيه إثراء للنقاش ومعرفة أوسع بما يدور في الوطن العربي من جدالات وحوارات.
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٨٤) صفحة (٣٦) بتاريخ (٠٥-٠٦-٢٠١٢)