كاتبة إماراتية
تماما.. هذا ما يجب: قانون القراءة الوطني.
كان لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينتهي عام القراءة هكذا.. وكأنه عام احتفالي عادي تستضيف فيه المؤسسات بعض الكُّتاب والمؤلفين لكي يتحدثوا عن تجاربهم أمام الموظفين لحثهم على القراءة والانتفاع بها! كان لا يمكن أن يكون عام القراءة مجرد فرصة، لتُقيم فيه الدوائر المحلية بعض المعارض الصغيرة للكتب والمجلات التي تحصل عليها «مجاناً» من دور نشر وطنية وكتاب إماراتيين يحضرون توقيع كتبهم، ويلتقطون صوراً مع المسؤولين فيها، تصلح لتكون عناوين لأخبار المؤسسات التي ستنشرها في كل الصحف كمعيار لتجاوبهم مع التوجيهات السامية الخاصة بعام القراءة!، كان لا يمكن أن ينتهي الأمر هكذا بكل سطحية!، كان لا يمكن لمبادرة بهذا التسامي والجمال أن تنتهي وكأنها شيئاً لم يكن بسبب بعض الجهات التي بها متشدقين ودعائيين من الذين لا علاقة لهم بالقراءة، لأنه ببساطة لا يصح إلا الصحيح، ولأن صدق النوايا لا يُخلف إلا أجمل الأعمال.
ولأننا قبل كل شيء نستظل تحت حكومة – بحمدالله – على رأسها قادة لهم نظرتهم الثاقبة التي يضعون فيها مستقبل إنسان هذا المكان قبل كل شيء، كان «القانون الوطني للقراءة»، الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، ليضع للجميع أُطرا تشريعية وبرامج تنفيذية ومسؤوليات محددة لترسيخ قيمة القراءة في دولة الإمارات بشكل مستدام، لتنمية رأس المال البشري ودعم الإنتاج الفكري الوطني، وبناء مجتمعات المعرفة في الدولة، وهو ما لا يأتي إلا بقوانين جادة مُلزمة بعيدة عن البهرجة والدعاية، لأن ما ترغب به الدولة وقيادتها لم يكن للدعاية الآنية والبهرجة الوقتية، وإنما لمستقبل بعيد، بعيد جداً، يستحقه هذا الوطن الرائع، ويجعل منه نموذجاً ملهماً لكل المنطقة وللعالم. يغطي القانون في مواده ال 18 كل ما يتصل بالقراءة، من تطوير ونشر وترويج وأنظمة داعمة تضمن استمرارية جهود تكريس القراءة، وسيكون على المؤسسات المعنية، التي تم الإشارة إليها صراحة، ترجمة القانون إلى واقع فعلى مؤثر، وليس فقط إنجازاً مادياً تنفذه المؤسسات في فاعلية خلال عام، تلتقط حوله الصور وينتهي الأمر، وإنما سيتوجب عليهم «قانونياً» وضع خطط سنوية تفصيلية لتنفيذ مبادرات الخطة الوطنية للقراءة، التي سيعتمدها مجلس الوزراء، وسيرفع بشأن ذلك تقارير دورية توضح التزام جميع الجهات بتنفيذ القانون. لتصبح القراءة سلوكاً عاماً طبيعياً لكل من يعيش على هذه الأرض، ليكون قادراً على قيادة حاضره ومستقبله في وجه التحديات التي تواجهه، لا سلوكاً دعائياً يستدعي التصوير والدعاية، ولذا استحق هذا القانون في رأيي لقب «تاج القوانين» لهذا العام، وهو بذلك لا يقل أهمية عن قانون إلزامية التعليم.
المصدر: الإتحاد