مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
أتأمل في العدد الكبير من الروايات والقصص التي كتبها كثير من الشباب الإماراتيين المجتهدين في الثلاث أو الأربع سنوات الأخيرة، والتي أنتجتها بكل حماس دور النشر الإماراتية المختلفة، وقد تابعت بعضها فوجدتها تعبر عن محاولات جادة باتجاه حركة تأليف حقيقية، بينما الكثير منها لم ينضج بما يكفي، كما أنه غير قادر على إقناع النقاد ومحكمي الجوائز الأدبية، لذلك فإن بذل المزيد من الجهد والمحاولة أمر حتمي لهؤلاء ليصبحوا أصواتاً أدبية واضحة وقوية في ساحة لا تفتقد المنافسة الشرسة!
هناك أقلام واعدة ومحاولات محترمة، وأسماء تمتلك نفساً وصوتاً روائياً واضحاً من بين روائيي شباب الإمارات، يبقى الأمر المهم، أن تجد هذه الأعمال الجيدة طريقها لأيدي النقاد أولاً، النقاد الحقيقيين الذين يحتكمون لأدوات النقد الأدبي المنهجي، لا هؤلاء الذين يكتبون عن الأعمال الأدبية بطريقة الانطباعات العاطفية الوصفية التي لا تقود لأي حكم صحيح خالٍ من المبالغة والمزايدة أو من التحامل والثرثرة المجانية، وللأسف فإن هذا ما يقع فيه معظم من يكتب حول تقييم الأعمال السردية بشكل عام!
أما ثانياً فإن على الحركة الأدبية، بكل نتاجها ومؤلفيها وجوائزها والمهتمين بها الانتباه إلى نوعية ومستوى الأعمال السردية التي تطرح، فنحن في نهاية المطاف لا نكتب لمجموعة من المراهقين وطلاب المدارس فقط، صحيح أن هؤلاء جزء من القراء ولكنهم ليسوا كل القراء، أما الأمر المهم هنا فهو أننا بنتاجنا هذا نصدر صورتنا للخارج، وعلينا أن نتقن صناعة هذه الصورة ونشتغل عليها بتأن لنصدرها بشكل قوي، يعبر عنا بشكل حقيقي، نحن قراء مهمون نعرف ماذا نقرأ، إذن هل لنا أن نعرف ماذا نكتب! علينا أن نتخلص من التسرع ووهم الأفضل مبيعاً والطبعات المتتالية، هذا الفخ التجاري وإن اشتغلت به دور النشر، فإنه يجب ألا يسيطر على ذهن الكاتب أو الروائي لأنه الضربة القاضية للمبدع.
وأما ثالثاً فإن النتيجة الحتمية التي ستترتب على وجود الحركة النقدية الصحيحة، وعلى حركة الاشتغال المتأني والمحترف لتطوير النتاج الأدبي هي أن يصل كتابنا للمسابقات والجوائز الكبرى المعترف بها وأن تنافس نتاجاتهم خيرة الأعمال المتقدمة وأن يقف أصحابها على منصات التتويج، وأن نقرأ أسماءهم ضمن القوائم الطويلة والقصيرة معاً، وهنا يستحق الكاتب الشاعر سلطان العميمي التحية على تخطيه هذا الحاجز بوصول روايته الأخيرة لائحة القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية البوكر.
المصدر: البيان