كاتب وإعلامي سعودي
لا شك أن زيارة وزير الداخلية العراقي للسعودية الأسبوع الماضي واستقباله من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ووزير الداخلية السعودي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف، خطوة مهمة في تعزيز التعاون الثنائي للبلدين ولتحقيق والعمل على مصالحهما المشتركة.
إن ملف مكافحة الإرهاب يأتي على قمة الملفات التي ناقشها الجانبان السعودي والعراقي، وكلنا يعرف أن آفة الإرهاب تعاني منها المنطقة العربية، وللأسف أن ذلك بسبب تلك التنظيمات التي ترفع الخطاب والشعارات «الإسلاموية» وأيديولوجياتها العابرة للحدود والأوطان، من هذا المنطلق تأتي أهمية هذه الزيارة لتوثيق التنسيق والعمل الأمني لمحاربة هذه التنظيمات من «داعش» وغيرها.
كما هو معروف أن الحدود بين السعودية والعراق تمتد لمسافة 800 كيلومتر، وهذا يتطلب عملاً أمنياً واستخباراتياً مستمراً بين الطرفين، وفي هذا السياق عبرت المملكة في برقية تهنئة للشعب والحكومة العراقية بتحرير الموصل من تنظيم داعش الإرهابي، معبرة عن ذلك بموقفها السياسي مع العراق وشعبه الرافض للإرهاب مهما تعددت صوره وأشكاله، والمملكة كما هو معروف تعرضت لهجمات إرهابية من هذا التنظيم، ما يدل على أهمية العمل العربي والإسلامي والدولي في التصدي للإرهاب بإشكاله كافة، كما عبر ولي العهد السعودي قبل أيام في اتصال هاتفي مع وزير الدفاع الأميركي أن الحرب على الإرهاب وكل من يدعمه ويموله لا بد أن تستمر وبكل حزم. الإقليم يمر بأزمات متصاعدة، وخاصة في مسألة محاربة التطرف والإرهاب في ظل تغيرات دولية، ولا سيما مع الإدارة الأميركية الحالية، والتي أكد عليها الرئيس الأميركي في قمة الرياض على العمل والتعاون للتصدي لهذه الظاهرة والعراق كان حاضراً في تلك القمة.
الكل يعرف أن العلاقات السعودية – العراقية مرت بفترة ليست بالقصيرة من التوترات جراء العبث الإيراني في بعض الدول العربية، والذي كان أساسه وللأسف تأجيج الطائفية في المنطقة والتي أصبحت إحدى مبررات التطرف والإرهاب التي لا زال يعاني منها الإقليم والمملكة، كما عبر عن ذلك وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في زيارته لبغداد في شباط (فبراير) الماضي، والذي أكد في تصريحات له هناك أن الرياض تقف على مسافة واحدة من مكونات الشعب العراقي وتحترم سيادته. وقرأت أخيراً في إحدى الصحف السعودية تصريحاً للسفير العراقي بالمملكة عن قرب فتح المنافذ البرية بين السعودية والعراق، وكذلك العمل على تسير رحلات جوية مباشرة بين البلدين، إضافة إلى دعوته لرجال الأعمال السعوديين للاستثمار في العراق، وهذه خطوات جيدة لتعزيز مفهوم الشراكة بين الرياض وبغداد، فعلاقات الدول تقوم على مبدأ المصالح المشتركة بعيداً عن الاختلافات الأيديولوجية الضيقة. عراق ما بعد الغزو الأميركي في 2003 خلق فراغاً سياسياً وأمنياً، وخلق بيئة جاذبة للإرهاب من بقايا البعث والتيارات الإسلاموية الشيعي منها والسني، وإيران لم تتوانَ وتتبجح بالسيطرة على القرار الرسمي العراقي والنتيجة دمار وتمزق ضحيته الشعب العراقي بكل طوائفه ومكوناته الدينية والمذهبية والأثينية. إيران لم تخفي أطماعها في العراق وغير العراق من دول الإقليم العربي لاعبة على الوتر الطائفي، عكس دول المحيط العربي وعلي رأسها المملكة التي لا يوجد لديها أطماع في العراق بل إنها تعمل على أن يعود إلى حضنه العربي وأن تعود إليه سيادته واستقراره. علينا جميعاً الخروج من الاصطفافات مع المحاور الطائفية التي تضرب مفهوم الأمن العربي، والعراق عليه دور كبير في هذا السياق، على الجانب العربي لم يجدِ ترديد أن «العراق مختطف ومسيطر عليه من إيران» في الفترة الماضية، فعلينا الانفتاح وتغليب المصالح العربية وعدم الالتفات لأصوات الطائفيين على الطرفين.
المصدر: الحياة