رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب نظمت معرضاً «ذكياً» لعيد الأضحى، يتيح للموظفين وجميع الحاصلين على بطاقة «سعادة»، التي تصدرها الإدارة، شراء احتياجاتهم المختلفة لهذه المناسبة السعيدة، عبر موقع إلكتروني عن بُعْد، ثم تصله مشترياته إلى باب بيته، دون تعب وعناء.
ليس هذا هو المهم، مع أن مثل هذه الخدمات تقدمها عادة المراكز والمواقع التجارية الخاصة، ودخول دائرة حكومية على الخط لإسعاد موظفيها والتسهيل عليهم، هو عمل إيجابي جيد، لكن ما يلفت النظر أكثر هو دعوة المخترع الإماراتي ورئيس مجلس إدارة جمعية المخترعين الإماراتية أحمد مجان، لافتتاح المعرض بشكل رسمي، بحضور جميع الألوية وكبار الضباط وكبار المسؤولين في الإدارة، وهذا من دون شك من باب التكريم لهذه الشخصية والجهة التي يمثلها، التي تضم بدورها نخبة من أبناء الإمارات المخترعين والمبدعين.
نهج جديد، مبتكر، لكنه يسير في الاتجاه الصحيح لرفع مكانة وشأن الكفاءات والمواهب الإماراتية، والتركيز عليهم إعلامياً واجتماعياً، خصوصاً أن جائحة «كورونا» جعلتنا نقف عاجزين عن تفسير سلوكياتنا قبل انتشار الفيروس، إذ كانت الصفوف الأمامية تعج بمن يسمون «مشاهير» في قطاعات غير مهمة وغير مجدية، لنكتشف في خضم أزمة انتشار الفيروس أن الممرض والطبيب والمُسعف أهم من أشهر هؤلاء المشاهير!
حان الوقت اليوم لترتيب الصفوف، وحان الوقت لتكريم من يستحق التكريم، وتخيلوا معي أن تعطى الفرصة للأطباء، وأبطال خط الدفاع الأول، والعلماء والمبدعين، لأخذ مكانتهم الطبيعية في المجتمع، وإعطائهم وضعاً اجتماعياً يتناسب مع حجم تضحياتهم وأهميتهم، بالتأكيد لا نريد إشغال الكفاءات والعلماء والمبدعين، ولا نريد إشغال الأطباء عن مهامهم النبيلة السامية بتقديم الخدمات العلاجية والطبية للمرضى، ونقدر انشغالهم بهذا الأمر الحيوي بالنسبة لهم، لكن نريد أن يحظوا بتقدير المجتمع، لأنهم عناصر أساسية في رقي هذا المجتمع.
ما المانع أن نرى هذه التجربة تتكرر في كل مكان؟ كأن نشاهد شخصية، مثل الدكتور فهد باصليب، المدير التنفيذي لمستشفى راشد، الذي كان الحصن المنيع في مواجهة «كورونا»، وتحمل هو وفريق عمله ضغوطاً كثيرة، وعملوا بصمت ومن دون ضجيج، أو ظهور إعلامي. ما المانع أن نراه يفتتح معارض، ويحضر كضيف شرف في المناسبات المهمة؟ وما المانع أن نرى كوادر مميزة في الشرطة والإسعاف وأعضاء الهيئات التمريضية يجلسون في الصفوف الأمامية بالأحداث المهمة والمناسبات الرسمية الضخمة؟ وذلك بالتنسيق معهم ومع جهات عملهم، حتى لا يتحملوا في المقابل ضغطاً جديداً، يضاف إلى ضغوط عملهم اليومي.
هي ثقافة جديدة، لكنها ضرورية ومهمة لتغيير الثقافة السابقة، وزرع مفاهيم جديدة في المجتمع، مفاهيم تقوم على تكريم أصحاب الإنجازات الحقيقية، وتقدير أصحاب العطاء الحقيقي، وتشجيع الجيل الجديد على استكمال مسيرتهم، واتباع خطواتهم، والدخول في دراسة تخصصاتهم، وهذا لن يتم إلا من خلال التركيز على هذه الكوادر، وإبراز دورها الحيوي في المجتمع، وجعلها قدوة ونموذجاً للجيل الجديد، قدوة حقيقية نافعة، بدلاً من النماذج السلبية الحالية، التي تحولت فجأة إلى نجوم ومشاهير وأثرياء وأصحاب وضع اجتماعي رفيع!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
المصدر: الإمارات اليوم