كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة
أن تدفع موالاةُ النظام قناة “الدنيا” السورية إلى درجة التخبط في صياغة الأخبار، فذلك أمر يؤكد أن إعلام النظام صار في حالة يرثى لها. ففي خبر كلماته معدودة وقعت “الدنيا” في أكثر من مطب. يقول الخبر الذي نسبته القناة إلى مراسلها في الحسكة إن دائرة حماية المستهلك ضبطت 4 سيارات محملة بمادة البنزين معدة للتهريب إلى دير الزور.
أول التساؤلات التي وردت إلى أذهان الكثير على مواقع التواصل الاجتماعي: “ليش دير الزور انفصلت؟” أما التساؤل الأهم الذي لم يتنبه له أحد، فهو الاعتراف الواضح بأن مدينة دير الزور محاصرة من قبل النظام، فالمواد الأساسية تصل إليها عن طريق التهريب، والمواطنون يستعينون بما خزنوه قبل اشتداد أزمتهم. وكارثةٌ أن يقوم نظام ما بخنق شعبه ليجعله يركع له ويخضع لإملاءاته ويدين بالولاء لمن فقد شرعيته بعد عام ونصف من القتل المتواصل لأبناء الشعب.
ما يجري في “دير الزور” بعيد تماما عن الإعلام الخارجي وعن إعلام الثورة أيضا، في ظل استحواذ دمشق وحلب على الجانب الأكبر من التغطيات، باعتبارهما دخلتا بقوة إلى واجهة الأحداث مؤخرا بعد أن تفاخرت أبواق النظام بحيادهما طوال الفترة الماضية على الفضائيات، لكن ذلك لم يجعل دير الزور وغيرها تنحني، بل استمر الصمود في وجه الأسلحة الحربية المدمرة، وفي وجه الحصار ومنع دخول الأغذية ضمن سياسة تجويع المدينة التي صار معظم أهلها لاجئين في الرقة والحسكة والعراق، حتى الطحين الذي يُصنع منه الخبز بات ممنوعا، أما الذين لم يغادروا مدينتهم فهم يُعِدون من بقايا مخزونهم الخبزَ بالبيوت ويتقاسمونه تحت رصاص جنود النظام الذين لم يتورعوا عن قتل الكثير ممن تطوعوا لتوزيع المواد الغذائية، منهم الشاب الشهيد جرير كضيّب (17 عاما) الذي قتلوه وهو ينقل الخبز للمحتاجين من المحاصرين في الأحياء.
إلى ذلك، كثيرة هي العائلات التي هربت من نار النظام في حمص فلقيت حتفها بقنابله في بيوت دير الزور التي تذوق اليوم ما ذاقته حمص قبلها.
برغم إحساسي عن بعد بما يجري في المدينة، إلا أنني أدركت ذلك أكثر حين رأيت صور الدمار فيها، وأدركت أيضا أن وسائل الإعلام غائبة عن تلك المشاهد.
المصدر: الوطن أون لاين