تطبيقات مجانية تروّج أفكاراً متطرفة على الهواتف

أخبار

حذّر مختصون من تطبيقات مجانية منتشرة على متاجر أنظمة الهواتف والأجهزة الذكية، تؤثر سلباً في سلوك وأفكار الأطفال والمراهقين، عبر نشر كتب وتفسيرات ومعلومات تروّج لأشخاص معروفين بفكرهم الديني المتطرف، وبعض هذه التطبيقات تفسر القرآن من منظور جماعات مدرجة في القوائم الإرهابية، وتروج تطبيقات لفتاوى وأحكام دينية لأحد مؤسسي الفكر الديني المتطرف والذي قامت عليه جماعات تكفيرية عدة في المنطقة العربية، وبعضها يروج لكيفية بناء المجتمعات بناء على فكر أحد مؤسسي جماعة إرهابية.

وأوضحوا أن تعرّض الأطفال والمراهقين لمحتوى بعينه يومياً قد يساعد على تغير سلوكهم بما يتوافق مع ما يقدم لهم، خصوصاً إذا غاب التوجيه الأسري الصحيح لهم، وخصوصاً أن أغلبية الأطفال يستخدمون الأجهزة اللوحية الذكية، وباتت الهواتف المتحركة الصديق الأقرب للمراهقين.

ووفقاً لإحصاءات شركتي غوغل وأبل، شهدت الأعوام الثلاثة الماضية نمواً متزايداً في أعداد التطبيقات الذكية المتوافرة على متاجر أنظمة تشغيل الهواتف المتحركة، إذ وصلت إلى مليون و400 معظمها مجانية.

فيما تصل نسبة الاشتراك في خدمات الهواتف المتحركة في المجتمع الإماراتي إلى 217%، ما يزيد على 18 مليون اشتراك، حتى فبراير الماضي، وفق إحصاءات هيئة الإمارات لتنظيم قطاع الاتصالات.

أظهر بحث لـ«الإمارات اليوم» قائمة من التطبيقات المجانية تروّج لأفكار متطرفة على متاجر تطبيقات الهواتف والأجهزة الذكية المتحركة، منها تطبيق لتفسير الأحكام العامة للدين يستند إلى تفسيرات لأحد أقطاب ومؤسسي الفكر الديني المتطرف، والذي قامت عليه جماعات تكفيرية في فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وآخر يتناول الأحكام العامة في القرآن وفتاوى دينية في أمور عدة من وجهة نظر عضو بارز في جماعة مصنفة ضمن قوائم الإرهاب في الدولة وفي دول عربية، وتطبيق آخر يروج لكيفية بناء المجتمعات الحقة من وجهة نظر مؤسس الجماعة نفسها، ويظهر بشكل بطولي.

ومن ضمن هذا النوع من التطبيقات، تطبيق يضم خطب دينية تحمل عناوين جاذبة لأحد الأعضاء البارزين في جماعة إرهابية تمت إدانته قانونياً في قضايا أمنية عدة خلال فترة الثمانينات من القرن الماضي.

الأسرة حائط الصد

وتعلق عضو مجلس أمناء مركز الجليلة لثقافة الطفل العضو السابق للمجلس الوطني الاتحادي، الدكتورة منى البحر، بأن العقد الجاري يشهد تعاظم دور الأجهزة الذكية في الحياة اليومية للأطفال والمراهقين، مضيفة أن فكرة حظر محتويات معينة منشورة على العالم الافتراضي بهدف تقليل تأثيرها في هذه الفئة، أمر رجعي وليس له أي تأثير إيجابي، بل على العكس ربما يخلق أمية رقمية لدى الجيل المقبل، الأمر الذي يمكن أن يعرقل خطط التطور والتقدم.

وأوضحت أن الحل الوحيد لمواجهة هذا النوع من التطبيقات والمحتويات الرقمية التي تنشر الأفكار الهدامة، تقوية قنوات التواصل بين الأبناء والآباء، مؤكدة أن الأسرة هي حائط الصد الأهم والأقوى لتنقية نوعية الفكر الذي يصل إلى الأطفال، وتحقيق هذا الأمر يعتمد على خطوات.

وتابعت أن الخطوة الأولى يجب أن يرتفع مستوى وعي الآباء والأمهات بتطورات تقنية المعلومات، ويكون لديهم دراية بكيفية التعامل مع الأجهزة الذكية والتطبيقات، والثانية يجب تقبل أي نوع من الفكر الذي يصل إلى الطفل، وقراءته معه بهدف التوضيح له والرد عليه بالشكل الصحيح، لافتة إلى أن منع وحظر ما يصل إلى الطفل يزيد من عناده وربما يدفعه للبحث عنه انطلاقاً من مبدأ «الممنوع مرغوب».

وأشارت إلى أن الخطوة المهمة في مواجهة هذا النوع من الفكر، زيادة وعي المنظومة التعليمية (المعلم)، بتقنية المعلومات واستخداماتها، والثقافة الفكرية بشكلٍ عام، فإذا كان المعلم لديه دراية بالطبيعة الهدامة في كتب وتفسيرات أحد الأشخاص مثل «سيد قطب»، سيتمكن من التفاعل مع المراهق باحترافية وتنقية ما يصل إليه، وتوجيهه بشكلٍ صحيح.

من جهته، قال أستاذ علم الاجتماع، الدكتور أحمد العموش، إن الأطفال والمراهقين لديهم خاصية الاعتياد الروتيني على الأمور التي تستهويهم وتحسن اجتذابهم، وهذا ما تحققه لهم الإنترنت، وبالتالي يتحوّل الأمر إلى حالة من الإدمان على استخدام الأجهزة والهواتف المتحركة الذكية التي تضمن لهم هذا الاستمتاع بحرية في أي مكان.

وتابع: «الإشكالية تكمن في أن بعض التطبيقات تستخدم عناوين وأسماء خادعة لاجتذاب الفئة المراهقين، وتلعب على جزئية منحهم معلومات وفكراً يزود حصيلتهم الثقافية والدينية، ويمكنهم من التفرد على أقرانهم والرد عليهم، ما يجعلهم مميزين، وعبر هذا الأسلوب يتم دس بعض الأفكار الهدامة والترويج لها بشكل مقنع».

وطالب العموش بوجود نوع من ميثاق الأخلاق الأسري بين أفراد العائلة يفرض عليهم إقامة حوار صريح يناقش أي سلوك أو أفكار جديدة تطرأ عليهم، لبيان المناسب منها وكيفية نقده بشكلٍ ودّي، لأن الأطفال والمراهقين يتصفون عادة بالعناد للنصح المباشر.

التأثير في السلوكوعن سبب قدرة هذا النوع من التطبيقات على التأثير في سلوكيات هذه الفئات العمرية، يربط استشاري الطب النفسي في مستشفى راشد، الدكتور عادل الكراني، بين حالة الارتباط القوية التي أصبحت موجودة بين الأطفال والمراهقين مع هواتفهم وأجهزتهم المتحركة الذكية، وتجاوز عدد ساعات استخدامهم لهذا النوع من الأجهزة ست ساعات يومياً، فتتحول من أداة ترفيه إلى مصدر قوي للمعلومة والتأثير في السلوك، خصوصاً في ظل الحياة العملية وانشغال الآباء معظم الوقت عن أبنائهم.

وأشار إلى أن حالات عدة من الأطفال بات سلوكها يتسم بالعنف، جراء تأثير بعض التطبيقات، وكذا الأمر للمراهقين الذين تغيرت طريقة تفكيرهم وتعاملهم مع بعض الأمور الثقافية والدينية، بسبب ما يقدمه لهم بعض التطبيقات، موضحاً أن المراهق يبحث دائماً عن أفكار ومقولات وتفسيرات تجعله متميزاً بين أقرانه ومحط إعجابهم.

عقود أولياء الأمورمن جهتها، أكدت هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، وجود هذا التأثير في فئتي الأطفال والمراهقين، وتعمل على ضمان تقليله التدريجي ومنعه داخل مؤسسات التعليم الأساسي، عبر مبادرة عقود أولياء الأمور، التي أطلقتها خلال العام الدراسي الماضي.

وقالت رئيسة الالتزام وضبط المسؤوليات في الهيئة، أمل بالحصا، إن مبادرة عقود أولياء الأمور تشمل في مرحلتها الثالثة بنوداً خاصة باستخدامات مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي، وحرص الآباء على توعية أبنائهم بالاستخدام الصحيح لها، لافتة إلى أن تطبيق هذه البنود يستهدف 118 ألفاً و624 طالباً وطالبة بالمدارس الخاصة في إمارة دبي.

وأوضحت أن هذه الاشتراطات والبنود التي تدقق في مدى جودة معرفة ووعي كادر المدرسة وطلبتها بترتيبات وإجراءات الحماية وزيادة الوعي، ومدى دقة الإجراءات التي يتم تطبيقها لحماية الطلبة من حالات الإيذاء المتعمد الفكري أو المادي، والأخطار المحتملة جرّاء استخدام شبكة الإنترنت، خصوصاً شبكات التواصل الاجتماعي، تم تضمينها في دليل عمليات التقييم المدرسي للعام الدراسي الجاري، الذي يصنف المدارس الخاصة في دبي، ويوضح مستوياتها لأولياء الأمور.

من جهتها، أفادت هيئة الإمارات لتنظيم قطاع الاتصالات، بأن دور الرقابة الحكومية على هذا النوع من التكنولوجيا الذكية لا يمكنه وحده إلغاء تأثيرها في المستخدمين، فالوعي الأسري بمخاطرها وتأثيراتها السلبية والعمل على مناقشتها بصراحة وتوجيه مستخدميها من الأطفال والمراهقين وحتى الشباب إلى الاستفادة من إيجابياتها، وتفادي تأثيرها السلبي في السلوك والتفكير، سيحقق كل ذلك تكاملاً في أداء هذا الدور، ويصل إلى الهدف النهائي المطلوب.

وأشارت إلى حرصها على التنسيق والنقاش مع الجهات الحكومية المسؤولة عن قطاع التعليم سواء الأساسي أو العالي، لنشر الوعي بكيفية استخدام الشبكة العنكبوتية والابتعاد عن المحتويات الضارة.

المصدر: الإمارات اليوم